بمعنى الذاهل الغافل عن الحكم؟ فكيف يتيسّر له السؤال عنه ؛ إذ (١) توجّه النفس نحو المجهول المطلق ممتنع عقلا ، فيرجع الفرض فيه إلى وجوب التعلّم عليه مطلقا ، إن علم ذلك؟
لم أقف لأحد من علمائنا الأعلام على ما يتضمّن تنقيح المقام (٢) ، إلّا إذا نتكلّم في ذلك بما أدّى إليه الفهم القاصر من كلام أهل الذكر عليهمالسلام ، مستعينين بتوفيق الملك العلّام ، فنقول : ما ذكرناه من الترديد ينحلّ إلى مقامات أربعة :
الأوّل : في وجوب التعليم على العالم ابتداء. ومقتضى كلام المحدّث السيد نعمة الله قدسسره كما عرفت ذلك ، وبه صرّح أيضا شيخنا الشيخ (٣) العلّامة أبو الحسن الشيخ سليمان (٤) بن عبد الله (٥) البحراني قدسسره في بعض أجوبته ، حيث سئل : هل يجب على العالم تعليم الجاهل ابتداء ، أو أنه لا يجب إلّا بشرط السؤال؟ فأجاب قدسسره : (إن الذي يظهر من الآيات والأخبار وجوب التعليم كفاية ، إمّا للسائل المسترشد ، أو للجاهل المعلوم جهله للمرشد ، أمّا لو لم يعلم جهله به فلا تكليف ، لأصالة البراءة) (٦) انتهى.
ولعلّه قدسسره أشار بالآيات إلى مثل قوله تعالى (وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنّاسِ) (٧).
وقوله سبحانه (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلْنا مِنَ الْبَيِّناتِ وَالْهُدى مِنْ بَعْدِ ما بَيَّنّاهُ لِلنّاسِ) (٨) الآية.
__________________
(١) من «ح» ، وفي «ق» : أو.
(٢) في «ح» : المرام.
(٣) ليست في «ح».
(٤) في «ح» : سليم.
(٥) بن عبد الله ، من «ح».
(٦) أجوبة الشيخ سليمان الماحوزي : ٢٤٣ ـ ٢٤٤.
(٧) آل عمران : ١٨٧.
(٨) البقرة : ١٥٩.