بقوله عليهالسلام : «لأنا لا ندري» إلى آخره مؤكدا بقوله : «فمن ثم» ، إلى آخره ـ جارية فيما نحن فيه. والعمل بالعلّة المنصوصة الّتي جعلت مناطا للحكم ومدارا له في جميع أفرادها ممّا لا ريب فيه ؛ فإنه ليس القصد من العلّة المذكورة إلّا ذلك ، فيتعدّى الحكم إلى سائر أفرادها ، ويصير دلالتها عليه كدلالة (١) العام على أفراده بخلاف ما إذا كان القصد من العلّة المذكورة (٢) أمرا آخر مثل بيان وجه المصلحة في الفعل ، أو بيان الداعي إلى الفعل ، أو التقريب إلى الأفهام القاصرة بالنكت الظاهرة ، كسائر العلل المذكورة في الأخبار.
على أن لقائل أن يقول : إن ظاهر الرواية لا يأبى الحمل على ما نحن فيه ؛ فإن الحق المدّعى أعم من أن يكون عبارة عن ذات الدين مثلا أو حق التصرف بالقبض والدفع ، فإن الوليّ له حق التصرف بذلك ، فعليه أن يحلف أن فلان مات ، وأن حقي ـ أي حق دفعي له ـ باق ، ليسقط بذلك دعوى القبض عليه ، واحتمال دفع الميت إليه ؛ فإن الغرض من اليمين ـ كما صرّح به النصّ والعلّة فيها ـ هو ذلك ، بل الظاهر أن هذا هو الأقرب ، كما سيظهر لك إن شاء الله تعالى.
وأمّا الفتوى ، فالموجود في عبائر الأصحاب (٣) ـ رضوان الله عليهم ـ : (لا يستحلف المدّعي مع البيّنة ، إلّا أن تكون الدعوى على ميّت) بهذا اللفظ وما قاربه ، وشموله لما نحن فيه ظاهر لا سترة عليه. وحينئذ ، فلو (٤) كان بيد شخص مال يعمل فيه وكالة أو مضاربة أو ولاية عن طفل ونحوه ، واتّفق صيرورته كلّا أو بعضا في ذمّة ميّت فإن ذلك الذي كان بيده المال يحلف بعد إقامة البيّنة على بقاء حقّه في ذمّة ذلك الميت وإن كان عين المال لآخر.
__________________
(١) في «ح» : لدلالة.
(٢) ليست في «ح».
(٣) انظر مثلا زهر الرياض : ٥٧٩.
(٤) في «ح» : فإن.