ومنها الحكم بتحريم دخول المساجد وقراءة العزائم على الحائض بعد انقطاع دمها وقبل الغسل على المشهور ؛ لإطلاق الأخبار بمنع الحائض من ذلك (١) ، وصدق الحائض على هذه بناء على الأصل المذكور.
وقيل بعدم التحريم ؛ لمنع الصدق بعد الانقطاع لغة وعرفا وإن قلنا بأن المشتق لا يشترط في صدقه بقاء أصله ، كما في مثال المؤمن والكافر ، والحلو والحامض.
ونفى عنه البعد في (المدارك) (٢) إلّا إنه قرّب (٣) المشهور.
أقول : ظاهر من حكم بالتحريم هنا ، جعل موضع النزاع هو الأعمّ من المشتق المراد به : الحدوث أو الدوام كما عرفت في المسألتين المتقدّمتين ، وظاهر من نفى التحريم تخصيص محل النزاع المشتق المراد منه : الحدوث. ومثال الحائض ليس كذلك ، بل هو من قبيل مثال المؤمن والكافر ، كما عرفت تحقيقه آنفا.
وحينئذ فالخلاف في هذا الفرض متفرّع على القولين من عموم محل النزاع في الأصل المذكور أو خصوصه ، وبذلك يظهر لك ما في الاعتراض على السيّد السند في (المدارك) حيث جعل المشهور أقرب ، بعد أن نفى البعد عن القول الآخر المعلل بعدم الصدق ؛ لانتفائه لغة وعرفا ، فاعترض عليه بأن ذلك يقتضي جعل القول الآخر أقرب.
ووجه الجواب ما ذكرنا ، والمحدث الأمين الأسترآبادي قدسسره ـ بناء على ما تقدّم من كلامه المؤذن بفرضه محل النزاع هو الأعمّ ، واختياره الاشتراط ـ اختار هنا القول المشهور ، مستندا إلى إطلاق الأخبار (٤) وصدق الحائض على هذه ، لكنه فسّر الحائض بذات حدث الحيض ، وكذلك النفساء بذات حدث النفاس ـ قال :
__________________
(١) انظر وسائل الشيعة ٢ : ٢١٣ ـ ٢١٥ ، أبواب الجنابة ، ب ١٧ ، ١٩.
(٢) مدارك الأحكام ١ : ١٥ ـ ١٦.
(٣) من «ح» ، وفي «ق» : أقرب.
(٤) انظر وسائل الشيعة ٢ : ٢١٣ ، أبواب الجنابة ، ب ١٧.