ومنها الحكم بكراهة التخلّي تحت الأشجار المثمرة ـ أي الّتي كان فيها ثمر ـ بعد زوال الثمرة منها ؛ بناء على (١) هذا الأصل ؛ للأخبار الدالة على كراهة الخلا تحت الأشجار المثمرة (٢) ؛ فإن الاسم صادق على ما كانت كذلك بناء على الأصل المذكور. وأكثر الأصحاب (٣) حكموا بالكراهة لذلك.
ويرد عليه :
أولا : تصريح الأخبار (٤) بأن المراد بالمثمرة : المنهيّ عن ضرب الخلا تحتها ما كانت مثمرة بالفعل ؛ معلّلا في جملة (٥) منها بمكان الملائكة الموكلين بحفظ ثمرها ؛ ولهذا تكون أنيسة ما دام ثمرها فيها.
وثانيا : أن هذا إنما يتم بناء على جعل محلّ النزاع هو المعنى الأعمّ. وأمّا إذا قيّد بما قصد به الحدوث من المشتقات ـ كما هو التحقيق فيما قدمنا بيانه ـ فما هنا ليس منه ؛ لأن الظاهر أن لفظ (مثمرة) بمعنى : ذات الثمر من (أثمرت النخلة) إذا صار فيها الثمر ك (أتمرت) إذا صار فيها التمر (٦) ، و (أطعمت) إذا صار فيها ما يطعم ، كما هو ظاهر لمن (٧) تصفّح كتب اللغة. فالمشتقّ هنا لم يبق على هيئة اشتقاقه ، ولم يجر مجرى ما اشتقّ منه ، بل سلك به مسلك الجوامد ، وربما كان في ورود الأخبار هنا دالّة على تخصيص الكراهة بوجود الثمرة بالفعل ما يؤذن بالقدح في بناء الأحكام الشرعية على الأصل المذكور وتفريعها عليه.
__________________
(١) في «ح» بعدها : ان.
(٢) وسائل الشيعة ١ : أبواب أحكام الخلوة ، ب ١٥.
(٣) انظر : روض الجنان : ٢٥ ، مسالك الأفهام ١ : ٣٢ ، جامع المقاصد ١ : ١٠٣ ، مجمع الفائدة والبرهان ١ : ٩٣ ـ ٩٤.
(٤) انظر وسائل الشيعة ١ : ٣٢٥ ـ ٣٢٨ ، أبواب أحكام الخلوة ، ب ١٥ ، ح ٣ ، ٦ ، ٨ ، ٩ ، ١١.
(٥) انظر : الفقيه ١ : ٢١ ـ ٢٢ / ٦٣ ـ ٦٤ ، وسائل الشيعة ١ : ٣٢٧ ، أبواب الخلوة ، ب ١٥ ، ح ٨.
(٦) كأتمرت إذا صار فيها التمر ، من «ح».
(٧) في «ح» : من.