واورد على هذا الجواب : (إن القائم بالماء هو التسخّن المطاوع للتسخين ، وأمّا التسخين فهو قائم بالمسخّن ـ على البناء للفاعل ـ فاذا كان الوصف القائم بالماء ـ وهو التسخن ـ فقد طرأ عليه الوصف المناقض له ، أعني : التبرّد).
وقيل عليه : سلمنا أن القائم بالماء هو التسخن المطاوع للتسخين كما ذكره ، لكن ليست الكراهة منوطة بالتسخين ، حيث إن وحدة الفاعل من جملة شروط التناقض عند الشيخ ومتابعيه (١) ، بل به من فعل مباشر. والحكم عندهم مرفوض (٢) فيه ، والوصف الوجودي الذي يناقضه إنما هو التبريد لا التبرّد ؛ لأن وحدة الفاعل من جملة شروط التناقض وإن لم يرد به التناقض المنطقي. ولو كان الحكم منوطا بالتسخن عند الجميع ، كان الإيراد بحسب الظاهر متّجها ، لكنه يستلزم الحرج في كلّ ماء آنية حصل له سخونة بغير قصد ولم يبرد) انتهى.
أقول : تخصيص الكراهة بالقصد لم ينقل عن أحد من أصحابنا ، سوى الشيخ في (الخلاف) (٣) والذي صرح به جملة من المتأخرين (٤) ومتأخريهم (٥) ، هو مجرّد حصول التسخّن ولو (٦) من قبل نفسه. فما ذكره المورد ليس في محله ، ولزوم الحرج ممنوع. على أن المقام مقام كراهة وتنزيه ، بل صرّح جملة منهم بأنه لو لم يجد غيره فلا كراهة (٧). وتحقيق ذلك في كتب الفروع. وبذلك يظهر لك عدم صحة تفريع المسألة المذكورة على هذا الأصل.
__________________
(١) في «ح» : وتابعيه.
(٢) في «ح» : معروض.
(٣) الخلاف ١ : ٥٤ / المسألة : ٤.
(٤) شرائع الإسلام ١ : ٧ ، نهاية الإحكام ١ : ٢٢٦ ، إصباح الشيعة (ضمن سلسلة الينابيع الفقهية) ٢ : ٤٢٥.
(٥) مسالك الأفهام ١ : ٢٢ ، مدارك الأحكام ١ : ١١٧ ، كشف اللثام ١ : ٣٠٢.
(٦) من «ح».
(٧) معالم الدين وملاذ المجتهدين / قسم الفقه ١ : ٣٩٨ ، مدارك الأحكام ١ : ١١٧.