انقطع عنها الدم قبل الغسل ؛ لصدق الاسم بدلالة هذه الأخبار. ودعوى التجوّز بالمعنى الّذي ذهب إليه يدفعه أصالة عدم النقل عن المعنى اللغوي ؛ فإن الحائض لغة هي ذات دم الحيض (١).
والظاهر أن الذي اضطرّه قدسسره إلى ارتكاب هذا المعنى في هذه الأخبار هو ظهور مخالفتها لما ذهب إليه من اشتراط وجود المبدأ ونحوه في الصدق. كما قدمنا نقله عنه.
وثانيا : أن الآية (٢) وجملة من الأخبار (٣) قد دلا على جواز الجماع بعد انقطاع الدم وقبل الغسل ، مع أن الأخبار قد استفاضت بتحريم جماع الحائض (٤) ، وترتيب التعزير (٥) والكفارة (٦) على فعله. فلو كان معنى الحائض شرعا ، هي ذات حدث الحيض كما يدّعيه ، لما تمّ جواز الجماع بعد الانقطاع وقبل الغسل ، والآية وما ذكرنا من الأخبار على خلافه ، وعليه جل الأصحاب ، بل كلّهم ، حيث لم ينقل (٧) الخلاف إلّا عن (٨) الصدوق (٩) ـ طاب ثراه ـ وكلامه لا يدلّ عليه إن لم يدلّ على خلافه (١٠).
__________________
(١) مجمع البحرين ٤ : ٢٠١ ـ حيض.
(٢) البقرة : ٢٢٢ ، وهي قوله تعالى (وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّساءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتّى يَطْهُرْنَ).
(٣) انظر وسائل الشيعة ٢ : ٣٢٤ ـ ٣٢٦ ، أبواب الحيض ، ب ٢٧.
(٤) انظر وسائل الشيعة ٢ : ٣١٧ ـ ٣٢١ ، أبواب الحيض ، ب ٢٤.
(٥) انظر وسائل الشيعة ٢٨ : ٣٧٧ ـ ٣٧٨ ، أبواب بقية الحدود والتعزيرات ، ب ١٣.
(٦) انظر وسائل الشيعة ٢ : ٣٢٧ ـ ٣٢٨ ، أبواب الحيض ، ب ٢٨.
(٧) عنه في المعتبر ١ : ٢٣٥ ، مدارك الأحكام ١ : ٣٣٦ ـ ٣٣٧.
(٨) في «ح» : من.
(٩) الفقيه ١ : ٥٣ / ذيل الحديث : ١٩٩.
(١٠) قال قدسسره : (فإن كان الرجل شبقا وقد طهرت المرأة وأراد زوجها أن يجامعها قبل الغسل ، أمرها أن تغسل فرجها ثم يجامعها). قال صاحب (المدارك) بعد نقل هذا القول : (وهو صريح في جواز الوطء قبل الغسل إذا كان الزوج شبقا وغسلت فرجها ، فلا يتمّ إسناد التحريم إليه مطلقا). انظر : الفقيه ١ : ١٥٣ / ذيل الحديث : ١٩٩ ، مدارك الأحكام ١ : ٣٣٦ ـ ٣٣٧.