الحالكة في تاريخ الثقافة الإسلامية بذيولها على حياة المترجم ، وأضفت عليها من خيوطها شيئا لا يستهان به ، غير أنه رحمهالله برغبته الأكيدة الصادقة في طلب العلم ، وإخلاصه المحض في خدمة مذهب أهل البيت عليهمالسلام استطاع أن يتجاوز كل تلك المحن والشدائد فيشق طريقه العلمي وسط أشواك تلك الرزايا والفتن ، وإلّا فإنّه رحمهالله كان في ريعان صباه حين وقعت فتنة العتوب على بلاده البحرين وانتهكوها وأكثروا فيها القتل الذريع والنهب الفظيع ، وسفكت فيها دماء الأبرياء والأخيار والعلماء.
وأعقبت فتنة العتوب محنة أخرى هي غزو الخوارج لبلاده ، حيث عاثوا فيها ، وعلى إثر هذه الواقعة نزح والده رحمهالله مع أفراد العائلة إلى معقل الشيعة هناك (القطيف) ، وبقي المترجم في بيتهم الكائن في قرية الشاخورة لحفظ ما في خزانة والده من كتب وما في البيت من لوازم ؛ حيث كان والده رحمهالله قد كلّفه بجمع ما يمكنه جمعه من الكتب التي انتهبها الغزاة وإرسالها إليه ، فجمع ما أمكنه جمعه منها وأرسله إليه في القطيف.
امتدّت هذه المرحلة سنين طوالا ، حتى لحق بأبيه في القطيف ، وبعد أشهر من وصوله إليها توفي والده رحمهالله إثر نكبة انهزام العجم وجملة من الأعراب الذين جاؤوا لاستنقاذ البحرين من أيدي الخوارج ، وكان أن أحرقت الدور هناك ومنها دار والد المترجم رحمهالله.
واستقرّ رحمهالله بعد وفاة أبيه في القطيف لمدة سنتين متكفّلا لبقية إخوته ، وكان عمره آنذاك يناهز الرابعة والعشرين ، وهناك قرأ على استاذه الشيخ حسين الماحوزي حيث حضر عنده جملة من (القطبي) وجملة وافرة من أوّل كتاب (شرح القديم للتجريد). وبعد استنقاذ البحرين صلحا من أيدي الخوارج رجع إليها ، وهناك اشتغل بالدرس عند شيخه الشيخ عبد الله بن أحمد البلادي.