تلك الصحيحة التي هي المستند في ذلك.
وبالجملة ، فإنه لما اتّفقت كلمة الأصحاب المؤيّدة بالأخبار على أن النذر المستلزم للضرر دنيا أو دينا غير منعقد ، وهذا الفرد الذي تضمّنته الرواية إنما انعقد من حيث زوال الضرر بما ذكر فيها ، وما نحن فيه من محلّ السؤال لا مدفع للضرر عنه كما عرفت ؛ فلا وجه للقول بالمضي فيه والانعقاد ، بل الوجه هو البطلان ؛ وقوفا على تلك القواعد المقررة ، لعدم المخرج عنها.
والقول بانعقاد النذر فيما زاد من التركة على الدين ، لا أعرف له وجها ؛ لأنه نذر واحد ؛ فإن صح ، ففي جميع ما اشتمل عليه ، وإلّا بطل في الجميع. على أن ما شرحناه من القول بالبطلان لا يتوقّف على وجودين في البين ، والقائل الذي نقلتم (١) عنه القول بالصحة والانعقاد وإبقاء الديون في ذمة الميت إن سلّم كون هذا النذر جاريا على خلاف القواعد الشرعية والضوابط المرعية ، فلا بد له في الحكم بصحته من الدليل المخصوص (٢) ، والصحيحة المذكورة لا تنهض حجّة له ؛ لكونها ـ لمخالفتها الاصول كما عرفت ـ مقصورة على موردها ، كما أوضحناه ، والفرق بين موردها وبين ما نحن فيه ظاهر كما بيناه على أن ما تضمّنته لا ينطبق على المنقول عنه ، حيث إنه ذهب إلى التصدّق بتلك الأعيان.
والصحيحة المذكورة ، دلّت على نقلها إلى الأثمان وجعلها في الذمّة ، فتصير من جملة الديون كما عرفت ، وإن منع ذلك فهو محجوج بما أجمع عليه الأصحاب من تلك القواعد المنصوصة التي يدور عليها (٣) النذر صحة وبطلانا ، والله سبحانه العالم بحقائق أحكامه ، ونوّابه الأمناء على حلاله وحرامه.
__________________
(١) في «ح» : نقله.
(٢) في «ح» : المخصص.
(٣) في «ح» : عليها يدور.