والأصل عدم الحادث ، فيكون نجسا (١).
وفيه ـ كما تقدم في الدرة (٢) الموضوعة للبراءة (٣) الأصلية ـ أن أصالة العدم أيضا مشروطة بشروط منها ألّا تكون مثبتة لحكم شرعي ، مع أنه أيضا معارض بأصالة عدم أسباب الموت (٤) حتف أنفه.
والتحقيق أن الحكم بالنجاسة في الجلد المذكور ـ بناء على ما ذكروا من الاستصحاب غلط محض ؛ وذلك أنه لا معنى للاستصحاب كما عرفت آنفا إلّا بثبوت الحكم بالدليل في وقت ، ثم إجرائه في وقت ثان ؛ لعدم قيام دليل على نفي الحكم المذكور أوّلا (٥) في الوقت الثاني ، مع بقاء الموضوع في الوقتين وعدم تغيره. فثبوت الحكم في الوقت الثاني فرع (٦) على ثبوته في الوقت الأول ، وإلّا فكيف يمكن إثباته في الثاني مع عدم ثبوته أولا. واستصحاب عدم المذبوحية في المسألة المذكورة لا يوجب الحكم بالنجاسة ؛ لأن النجاسة لم تكن ثابتة في الوقت الأول وهو وقت الحياة. ووجهه أن عدم المذبوحية لازم لأمرين : أحدهما الحياة ، وثانيهما الموت حتف أنفه.
والموجب للنجاسة ليس هو هذا اللازم من حيث هو ، بل ملزومه الثاني ، أعني الموت حتف أنفه. فعدم المذبوحية اللازم للحياة مغاير لعدم المذبوحية اللازم للموت حتف أنفه ، والمعلوم ثبوته في الزمن الأول هو الأول لا الثاني. وظاهر أنه غير باق في الوقت الثاني.
__________________
(١) منه في الوافية في اصول الفقه : ٢٠٩.
(٢) انظر الدرر ١ : ١٥٥ ـ ١٨٦ / الدرة : ٦.
(٣) في «ح» : في البراءة.
(٤) عدم أسباب الموت ، ليس في «ح».
(٥) لست في «ح».
(٦) في «ح» : متفرع.