بالسراب ، وما ورد من التقية لا يكاد يخفى) انتهى ـ فعبارات قشرية ، ومن التحقيق عرية كما لا يخفى على من عض على العلم بالأخبار بضرس قاطع ، وأعطى التأمل حقه في تلك المواضع. كيف ، وهو قدسسره في جملة مصنّفاته وفتاويه كان يدور مدار الاحتياط خوفا من الوقوع في مهاوي الاختباط ، قائلا في بعض مصنّفاته : (إن مناط أكثر الأحكام لا يخلو عن شوب وريب وتردد ؛ لكثرة الاختلافات في تعارض الأدلّة وتدافع الأمارات ، فلا ينبغي ترك الاحتياط للمجتهد فضلا عمن دونه) انتهى.
وبما شرحناه من معنى كلام ثقة الإسلام قدسسره يظهر لك ما في كلام المحدث الأمين الأسترابادي ـ طاب ثراه ـ في كتاب (الفوائد المدنية) من الغفلة الظاهرة الجلية ، حيث قال رحمهالله بعد ذكر ما قدمنا نقله عنه في الوجه الثالث من وجوه الجمع بين حديث الإرجاء والتخيير (١) ما صورته : (والإمام ثقة الإسلام محمد بن يعقوب الكليني قدسسره ذكر في كتاب (الكافي) ما يدل على العمل بالحديث الدال على التخيير ، وكان قصده قدسسره ذلك ، عند عدم ظهور شيء من المرجّحات المذكورة في تلك الأحاديث. وينبغي أن يحمل اطلاق (٢) كلامه على ما إذا كان مورد الروايتين العبادات المحضة بقرينة أنه قدسسره ذكر بعد ذلك في باب اختلاف الحديث مقبولة عمر ابن حنظلة الواردة في المتخاصمين في دين أو ميراث الناطقة بأنه مع عدم ظهور شيء من المرجّحات المذكورة يجب الإرجاء إلى لقاء الإمام عليهالسلام) (٣) انتهى.
فإن فيه :
أولا : أن صاحب (الكافي) قد ذكر المرجّحات المذكورة في صدر عبارته ، ثم
__________________
(١) انظر الدرر ١ : ٢٩٩ / الهامش : ٤ ، ٥.
(٢) من «م».
(٣) الفوائد المدنيّة : ١٩٢.