يتيسر لنا الآن العرض عليها لنأخذ بخلافها؟ على أن المستفاد من جملة من الأخبار أيضا وقوع التقية في فتواهم عليهمالسلام وإن لم يكن على وفق شيء من أقوال العامّة كما حققناه في محل آخر.
وأمّا بالنسبة إلى المجمع عليه ؛ فإن اريد بالنسبة إلى الفتوى ، فهو ظاهر التعسّر ؛ لأن كتب المتقدمين كلها مقصورة على نقل الأخبار كما لا يخفى على من راجع الموجود منها الآن ككتاب (قرب الإسناد) و (كتاب علي بن جعفر) وكتاب (المحاسن) وكتاب (بصائر الدرجات) ولتفرق الأصحاب وانزوائهم في زوايا التقية في أكثر البلدان.
وإن أريد في الرواية بمعنى أن يكون مجمعا عليه في الاصول المرويّة المكتوبة عنهم عليهمالسلام ، ففيه أنها قد اشتملت على الأخبار المتخالفة ، والأحاديث المتنافية ، فهي مشتركة في الوصف المذكور. وحينئذ ، فمتى تعذّر معرفة هذه الضوابط الثلاث المذكورة على الحقيقة ، فكيف يتيسر العرض عليها والرجوع إليها؟ فالمعتمد عليها ربما يقع في المخالفة من حيث لا يشعر ، وتزلّ قدمه من حيث لا يبصر ، والحال أنهم رخصوا لنا في الأخذ من باب الرد إليهم ـ صلوات الله عليهم ـ والتسليم لأمرهم ، فلا شيء أسلم من الأخذ بما وسّعوا فيه ؛ فإن فيه تحرّزا (١) عن (٢) القول على الله سبحانه بغير علم ، وتخلصا من التهجم على الأحكام بغير بصيرة وفهم.
وما ذكره شيخنا أبو الحسن الشيخ سليمان بن عبد الله البحراني قدسسره في بعض فوائده ، اعتراضا على ذلك من أنه ليس الأمر كذلك ـ قال : (فإن الحق لا يشتبه بالباطل ، والطوق ليس كالعاطل ، والشمس لا تستر بالنقاب ، والشراب لا يلتبس
__________________
(١) في «ح» : تجوزا.
(٢) من «ح» ، وفي «ق» : على.