متفاوتة ودرجات متكاثرة قوة وضعفا (١). ألا ترى أنه ربما يستفاد من أخبار الأطفال فضلا عن عدول الرجال بانضمام بعض قرائن الأحوال؟ ويدل على هذا المعنى جملة من الأخبار كما أوضحناه في محل أليق.
وحينئذ ، فعمل الكل على هذه الطريقة وإن اختلفوا في التسمية ، فلا يتوجه إذن طعن الأخباريين على المجتهدين بالعمل بالمظنون (٢) الذي منعت منه الآيات (٣) والروايات (٤) ؛ فإن الاختلاف ـ كما عرفت ـ ليس إلّا في مجرد التسمية.
__________________
(١) أقول : وممّا يؤيّد هذا الوجه ما تكرر في ديباجة كتاب (الكافي) (١) من أنه لا بدّ في البناء في أحكام الدين من العلم واليقين ؛ لأنه لم يرد به إلّا الاستناد في ذلك إلى الأدلّة الشرعيّة من (الكتاب) والسنّة والرجوع إلى أهل البيت عليهمالسلام دون البناء على الأقيسة والآراء كما يفصح به آخر كلامه من قوله : ولهذه العلّة (انبثقت على أهل دهرنا). إلى أن قال : فمن أراد الله توفيقه وأن يكون إيمانه ثابتا سبّب له الأسباب إلى التي تؤدي به إلى أن يأخذ دينه من كتاب الله وسنّة نبيّه صلىاللهعليهوآله بعلم وبصيرة ، فذلك أثبت في دينه من الجبال الرواسي ، ومن أراد الله خذلانه ، وأن يكون دينه مستعارا (٢) مستودعا سبب له أسباب الاستحسان والتقليد والتأويل من غير علم وبصيرة ، إلى آخر كلامه.
ومما يؤيّد ذلك أيضا كلام جملة من متقدّمي أصحابنا ـ رضياللهعنهم ـ ولا سيّما شيخنا المفيد (٣) والمرتضى (٤) ـ رضوان الله عليهما ـ في تخصيص [...] (٥) أخبار الآحاد بأنها توجب الظن ، والمطلوب في الأحكام العلم واليقين ، فإن مرجعه كما زعم إنما هو إلى معلوميّة الدليل ، وثبوت صدقه وحقيقته كما هو شأن الخبر المتواتر ، وعدم ذلك الذي غاية ما يفيده الظن كما في أخبار الآحاد من غير نظر ولا بحث بالنسبة إلى الدلالات من كل منهما هل هو على وجه قطعي أو ظني. منه رحمهالله ، (هامش «ح»).
(٢) في «ح» : بالظنون.
(٣) كما في يونس : ٣٦.
(٤) انظر وسائل الشيعة ٢٧ : ٢٠ ـ ٣١ ، أبواب صفات القاضي ، ب ٤.
__________________
١ ـ الكافي ١ : ٧ ـ ٨.
٢ ـ في المصدر : معارا.
٣ ـ التذكرة (ضمن سلسلة مؤلفات الشيخ المفيد) ٩ : ٤٤ ـ ٤٥.
٤ ـ رسائل الشريف المرتضى (المجموعة الاولى) : ٢٤ ، ٥٠.
٥ ـ عبارة غير مقروءة.