المنسوخ بالإسلام ، وهو المشار إليه بقوله تعالى (إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيادَةٌ فِي الْكُفْرِ) (١) الآية ؛ لأنهم كانوا يحرمون الحلال من الأشهر ، ويحلون الحرام منها ، لمطالبهم ومصالحهم ، فقد يحلون بعض الأشهر الحرم لإرادة القتل والغارة ، ويعوّضون عنه شهرا آخر من الأشهر المحللة ، فيحرّمون فيه ما أحلوه ثمّة. فعلى هذا يجوز أن يكون حجّهم حين حملت به امّه صلىاللهعليهوآله في أيام التشريق كان في شهر جمادى [الآخرة] (٢) ، ويكون مدة حمله صلىاللهعليهوآله حينئذ تسعة أشهر كما هو القول المشهور والمتعارف الغير المنكور.
قال أمين الإسلام الطبرسي قدسسره في كتابه (٣) (مجمع البيان) في تفسير الآية المتقدّمة نقلا عن مجاهد : (كان المشركون يحجّون في كلّ شهر عامين ، فحجوا في ذي الحجة عامين ، ثم حجوا في المحرم عامين ... وكذلك في الشهور حتى وافقت الحجة التي قبل حجة الوداع في ذي القعدة ، ثم حج النبي صلىاللهعليهوآله في العام القابل حجة الوداع ، فوافقت ذي الحجة ، فقال في خطبته : «ألا وإن الزمان قد استدار كهيئة يوم خلق السماوات والأرض اثنا عشر شهرا ، منها أربعة حرم : ثلاثة متواليات : ذو القعدة ، وذو الحجة ، والمحرّم ، ورجب منفرد بين جمادى وشعبان». أراد بذلك صلىاللهعليهوآله أن الأشهر الحرم قد رجعت إلى مواضعها ، وعاد الحج إلى ذي الحجة ، وبطل النسيء) (٤).
واستنبط بعض أفاضل السادات من هذا الكلام أن مدة حمله صلىاللهعليهوآله على هذا الحساب تكون أحد عشر شهرا ، ويكون ذلك دليلا على حقّيّة مذهب من قال : إن أقصى مدة الحمل سنة ، قال : (لأن عمره صلىاللهعليهوآله كان ثلاثا وستين سنة ، وقد وافق
__________________
(١) التوبة : ٣٧.
(٢) في النسختين : الثانية.
(٣) ليست في «ح».
(٤) مجمع البيان ٥ : ٤١.