فيكون مدة حمله عشرة أشهر ، ويكون منطبقا على المذهب المشهور.
وأنت خبير بأن هذا كله على تقدير صحة ما نقله مجاهد كما حكاه الطبرسي رحمهالله تعالى عنه. وهو منظور فيه في من وجهين :
أحدهما : أن الذي صرّح به جملة المفسرين في معنى النسيء لا ينطبق على ما ذكره ؛ إذ معناه كما ذكروه هو ما قدمنا ذكره من تحليل بعض الأشهر الحرم لأجل استباحة الغارة فيه والقتال ، وتعويض غيره من الأشهر المحللة عنه ، فيحرمون فيه القتال ، ويحجون فيه لا ما ذكره ، فإنه لا ينطبق على الآية الشريفة ، وهو قوله سبحانه (يُحِلُّونَهُ عاماً وَيُحَرِّمُونَهُ عاماً لِيُواطِؤُا عِدَّةَ ما حَرَّمَ اللهُ فَيُحِلُّوا ما حَرَّمَ اللهُ) (١).
ويزيده بيانا ما ذكره الثقة الجليل علي بن إبراهيم القمي قدسسره في تفسيره من أنه كان سبب نزول الآية المذكورة أنه كان رجل من كنانة يقف في الموسم ، فيقول : قد أحللت دماء المحلين من (٢) طيّئ وخثعم في شهر المحرم وأنسأته ، وحرمت بدله صفرا ، فإذا كان العام القابل يقول : قد أحللت صفرا وأنسأته ، وحرمت بدله شهر المحرم ، فأنزل الله (إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيادَةٌ) (٣).
وقيل : (إن أول من أحدث ذلك جنادة بن عوف الكناني ، كان يقوم على جبل في الموسم فينادي : إن آلهتكم قد أحلّت لكم المحرم [فأحلّوه]. ثم ينادي في القابل : إن آلهتكم قد حرمت عليكم المحرم فحرموه) (٤).
وثانيهما (٥) : أن ما ذكره من أن الحجة التي كانت قبل الوداع كانت في ذي
__________________
(١) التوبة : ٣٧.
(٢) من المصدر.
(٣) التوبة : ٣٧.
(٤) تفسير البيضاوي ١ : ٤٠٤ ، وفيه القبائل ، بدل : القابل.
(٥) في «ح» : ثانيا.