كتاب الحدائق المذكور إلى كتاب الحج ، وأنا الآن في الاشتغال بكتاب المتاجر ... ومنها كتاب الدرر النجفية) (١).
فلعلّه رحمهالله لما كان يخطط للحدائق أن يكون كتابا علميّا واسعا وموسوعة ضخمة ، أراد أن يثبت بعض آرائه وما تجود به قريحته العلمية في كتب أخرى خشية أن تحول طوارق الحدثان دون إتمام تلك الموسوعة ؛ فيفوّت فرصة إثبات ما يرتئيه من مطالب وبحوث يهدف منها خدمة هذا الدين الحنيف. ومسألة أخرى لا يمكن أن يغفل عنها أحد هي أن الحدائق موسوعة فقهية بحتة ، غاية ما يمكن أن يدخله فيها شيء من الاصول والرجال باعتبارها من مقدّمات علم الفقه ووسائله ، أما كتاب مثل الدرر فيمكنه أن يكتب فيه في كل فن كما أشرنا لذلك في أوّل المقدّمة.
وهذا اللون من الكتابة ضروري ؛ لأن الكاتب قد يكون غير مختصّ بعلم التاريخ مثلا غير أنه يريد أن يتناول جانبا منه يرى فيه موضع حاجة للعامة لمعرفة خفاياه وأسراره فيكتب في ذلك الموضوع فقط ، وهكذا في بقية العلوم الاخرى ممّا هي غير داخلة في مضمار تخصصه ، مع أنه يجد من نفسه حاجة لأن يكتب في بعض جوانبها ، وهو ممّا يجعله يخرج بحصيلة هي كشكول جامع لشتى فنون المعرفة. هذا من ناحية ، ومن ناحية أخرى إنّ الكاتب بوضعه كتابا مثل هذا يريد أن يختصر المسافة على القارئ فيضع بين يديه كتابا يتناول عامة المواضيع التي يرى ـ من وجهة نظره ـ أنها موضع حاجته فيكفيه عن عدّة كتب تبحث في المجالات التي تناولها هذا الكشكول. وهذا ما يذكّر بما نقل عن الوزير الصاحب بن عبّاد الذي كان يستصحب في سفره حمل ثلاثين جملا من
__________________
(١) لؤلؤة البحرين : ٤٤٦ ، ٤٤٧.