ابن حمامة قال : طلع علينا النبي صلىاللهعليهوآله ذات يوم ووجهه مشرق كدائرة القمر ، فقام عبد الرحمن بن عوف فقال : يا رسول الله صلىاللهعليهوآله ، ما هذا النور؟ فقال : «بشارة أتتني من ربي في أخي وابن عمي وابنتي ، وإن الله تعالى زوّج عليا من فاطمة وأمر رضوان خازن الجنان فهزّ شجرة طوبى فحملت رقاقا ـ يعني صكاكا ـ بعدد محبي أهل بيتي ، وأنشأ (١) تحتها ملائكة من نور ، ودفع إلى كل ملك صكّا ، فإذا استوت القيامة بأهلها نادت الملائكة في الخلائق ، فلا تلقى محبا لنا أهل البيت إلّا رفعت إليه صكا فيه فكاكه من النار ، فأخي وابن عمي وابنتي بهم فكاك رقاب رجال ونساء من أمّتي من النار» (٢).
إلى غير ذلك من الأخبار التي يطول بنقلها الكلام. وقد أتينا على كثير منها في مقدمة كتابنا (سلاسل الحديد في تقييد ابن أبي الحديد) ، وفق الله تعالى لإتمامه.
قال الفاضل الشيخ إبراهيم بن سليمان الخطي أصلا ، الحلّي منشأ ومسكنا في كتاب (الفرقة الناجية) بعد نقل كلام المحقق الدواني ما صورته : (أقول : كلامه هذا بأجمعه ليس شيء منه بصحيح ولا تام ؛ لأنه فسره بكونهم في النار من حيث الاعتقاد ، وغرضه من ذلك أن المراد : العذاب عليه بها في الجملة لا الخلود ؛ معللا بأنه خلاف الاجماع ؛ لأن المؤمنين لا يخلدون. وفيه نظر ؛ لأن كون ذلك من حيث الاعتقاد غير مسلم لجواز أن يكون منه ومن العمل معا ، قال الله تعالى :
(وَقالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النّارُ إِلّا أَيّاماً مَعْدُودَةً قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللهِ عَهْداً فَلَنْ يُخْلِفَ اللهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ. بَلى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولئِكَ أَصْحابُ النّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ) (٣).
سلمنا لكن نفيه الخلود غير مسلّم ، والإجماع الذي نقله ممنوع ، فإن جماعة
__________________
(١) في «ح» : بعدها : من.
(٢) مقتل الإمام الحسين عليهالسلام : ١٠١ / ٢٥.
(٣) البقرة : ٨٠ ـ ٨١.