من غير أن يكون لأحد منهما فيه ضرب من التعمّد أو السعي ، وتجويز مدخليّة الاتّفاق الخارج عن المقدور في استحقاق المدح والذمّ ممّا هدم بنيانه البرهان ، وعليه إطباق العدلية في كلّ زمان) (١) انتهى كلامه رحمهالله.
أقول : فيه :
أوّلا : بعد اختيار الشقّ الثالث الذي هو محلّ النزاع ـ أنّه متى قام الدليل من خارج على معذوريّة الجاهل وصحّة عبادته إذا طابقت الواقع ، فهذا الاستبعاد العقلي لا يسمع وإن اشتهر عنهم ترجيح الدليل العقلي على النقلي ، إلّا إن ما نحن فيه ليس منه.
وثانيا : أن المدح والذمّ على هذه الحركات الاختيارية إن كان من الله سبحانه فاستواؤهما فيه ممنوع ؛ إذ إيجاب الحركات للمدح والذمّ ليس لذاتها ، وإنّما هو لموافقة الأمر وعدمها تعمدا ، أو اتّفاقا. وحينئذ ، فمقتضى ما قلنا في قيام الدليل على صحّة عبادة الجاهل إذا صادفت الوقت ، فإنّه تصح عبادة من صادفت صلاته الوقت ، وتكون حركاته موجبة للمدح بخلاف من لم تصادف ، فإنها تكون موجبة للذّم لعدم المصادفة.
وثالثا : أنّ الغرض من التكليف الإتيان بما كلّف به حسب الأمر ، ومن صادفت صلاته الوقت يصدق عليه أنه أتى بالمأمور به ، وامتثال الأمر يقتضي الإجزاء.
ورابعا : أنّه منقوض بما وقع الاتّفاق عليه نصّا وفتوى من صحّة صلاة الجاهل بوجوب التقصير تماما ، مع كونها غير مطابقة للواقع (٢) ، فإذا كان الجهل عذرا مع عدم المطابقة ؛ فبالأولى أن يكون عذرا معها.
__________________
(١) ذخيرة المعاد : ٢٠٩ ـ ٢١٠.
(٢) وسائل الشيعة ٨ : ٥٠٥ ـ ٥٠٨ ، أبواب صلاة المسافر ، ب ١٧.