القضاء والكفارة على من أفطر يوم الثلاثين من شهر رمضان ثم ظهر كونه من شوّال ؛ ولوجب القود أو الدية على من قتل شخصا عدوانا ، ثم ظهر كونه ممّن له قتله قودا ، ولوجوب العوض على من غصب مالا وتصرف فيه ، ثم ظهر كونه له ، إلى غير ذلك من المواضع التي يقف عليها المتتبع. واللوازم كلها باطلة اتفاقا.
فإن قيل : إن الأحكام المعترض بها هنا إنما صير إليها ؛ لقيام الدليل.
قلنا : قيام الدليل عليها دليل على أن الاتّفاق واقعا ممّا له مدخل في الذمّ والمدح ، والصحّة والفساد ، كما هو المدّعى. ولا يخفى أن الأحكام الشرعيّة لا تنطبق على الأدلّة العقليّة ، بل قد توافقها تارة وتخالفها اخرى.
هذا ، وأمّا الأخبار المتعلقة بهذه المسألة فهي بحسب الظاهر مختلفة ، فممّا يدلّ على المشهور ما رواه في (الكافي) عن يونس عن بعض أصحابه قال :
سئل أبو الحسن عليهالسلام : هل يسع الناس ترك المسألة مما يحتاجون إليه؟ فقال : «لا» (١).
وما رواه في الصحيح عن زرارة ومحمد بن مسلم وبريد (٢) بن معاوية قالوا : قال أبو عبد الله عليهالسلام لحمران بن أعين في شيء سأله : «إنّما يهلك الناس لأنهم لا يسألون» (٣).
وما رواه فيه أيضا عن مؤمن الطاق عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : «لا يسع الناس ، حتى يسألوا ويتفقهوا ويعرفوا إمامهم ، ويسعهم أن يأخذوا بما يقول وإن كان تقية» (٤).
__________________
(١) الكافي ١ : ٣٠ / ٣.
(٢) في «ح» : يزيد.
(٣) الكافي ١ : ٤٠ / ٢ ، باب سؤال العلم وتذاكره ، وفيه : عن بريد العجلي ، بدل : بريد من معاوية ، أو : يزيد بن معاوية ، وكلاهما واحد لكنه بجليّ لا عجليّ.
(٤) الكافي ١ : ٤٠ / ٤ ، باب سؤال العلم وتذاكره.