وفي حديث آخر عن الصادق عليهالسلام قال : «قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : أفّ لرجل لا يفرّغ نفسه في كلّ جمعة لأمر دينه ، فيتعاهده ويسأل عن دينه» (١).
أقول : والتقريب فيها ظاهر ، فإنه لو كان الجاهل معذورا مطلقا ، لصحّ جميع ما أتى به من العبادات ، وحينئذ فيسعه ترك المسألة ، والأخبار مصرّحة بخلافه ، فإن المراد بقولهم عليهمالسلام : لا يسع الناس ترك المسألة وترك التفقه أنه لا تصحّ أعمالهم إلّا إذا كانت عن معرفة (٢) وتفقه وسؤال وفحص.
ومما يدلّ على ذلك أيضا الأخبار المستفيضة بالأمر بطلب العلم والتفقه في الدين. ومن تلك الأخبار ما رواه في (الكافي) عن الصادق عليهالسلام قال : «قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : طلب العلم فريضة على كل مسلم (٣)» (٤).
وما رواه فيه أيضا عنه عليهالسلام قال : «وددت أن أصحابي ضربت رءوسهم بالسياط حتى يتفقهوا» (٥).
وبمضمونهما أخبار عديدة لا يسع المقام الإتيان عليها.
وجه التقريب فيها أن وجوب تحصيل العلم ليس إلّا العمل به ، كما استفاضت به الأخبار ، ومنها ما رواه في الكتاب المذكور عن علي بن الحسين عليهالسلام قال : «مكتوب في الإنجيل : لا تطلبوا علم ما لا تعلمون ولمّا تعملوا بما علمتم ؛ فإن العلم إذا لم يعمل به لم يزدد صاحبه إلّا كفرا ، ولم يزدد من الله إلّا بعدا» (٦).
وحينئذ ، فلو كان الجاهل معذورا مطلقا وعباداته وأعماله صحيحة لذلك ، لم يكن للأمر بطلب العلم والتفقه في الدين معنى بالكلية.
__________________
(١) الكافي ١ : ٤٠ / ٥ ، باب سؤال العلم وتذاكره.
(٢) من «ح».
(٣) في «ح» بعدها : ومسلمة.
(٤) الكافي ١ : ٣٠ / ١ ، باب فرض العلم ...
(٥) الكافي ١ : ٣٠ / ٨ ، باب فرض العلم ...
(٦) الكافي ١ : ٤٤ ـ ٤٥ / ٤ ، باب استعمال العلم.