وإرسال الرسل ، وإنزال الكتب ، والحثّ والزجر على التعلّم والتفقّه ، والفحص والسؤال؟ وإلى من تتوجه هذه الخطابات إذا وسع الجاهل البقاء على جهله ، وصحّ ما يأتي به موافقا أو مخالفا؟ وفي هذا من الشناعة ما لا يلتزمه (١) محصّل.
وأخبار لا يسع الناس البقاء على الجهالة (٢) ، وحديث (٣) تفسير قوله تعالى (فَلِلّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ) (٤) ، وغيرها (٥) صريحة في ردّه مع أنه قد ورد في حسنة زرارة عنه عليهالسلام حين رأى من يصلّي ، ولم يحسن ركوعه ولا سجوده أنه قال : «نقر كنقر الغراب ، لئن مات هذا وهكذا صلاته ليموتن على غير ديني» (٦).
وقد استفاض أيضا عنهم عليهمالسلام : «ليس منّا من استخفّ بصلاته» (٧).
وفي بعضها : «لا ينال شفاعتنا من استخف بصلاته» (٨).
وهي بإطلاقها شاملة للعالم والجاهل.
قلت : القول الفصل والمذهب الجزل في هذا المجال ، أن يقال : الظاهر أن الحكم في ذلك يختلف باختلاف أحوال الناس في انسهم بالأحكام ، والتمييز بين الحلال والحرام وعدمه ، وقوة عقولهم وأفهامهم وعدمها ، ولكلّ تكليف يناسب
__________________
(١) في «ح» : يلزم.
(٢) انظر الكافي ١ : ٣٠ ـ ٣١ / ١ ـ ٣ ، ٧ ـ ٨ ، باب فرض العلم ووجوب طلبه والحث عليه.
(٣) الأمالي (الطوسي) : ٩ / ١٠.
(٤) الأنعام : ١٤٩.
(٥) الكافي ١ : ٤٠ ـ ٤١ / ١ ـ ٩ ، باب سؤال العالم وتذاكره.
(٦) الكافي ٣ : ٢٦٨ / ٦ ، باب من حافظ على صلاته أو ضيعها ، وسائل الشيعة ٤ : ٣١ ـ ٣٢ ، أبواب أعداد الفرائض ، ب ٨ ، ح ٢ ، ونحوه في المحاسن ١ : ١٥٨ ـ ١٥٩ / ٢٢٢ عن عبد الله بن بكير عن زرارة عن أبي جعفر عليهالسلام.
(٧) الفقيه ١ : ١٣٢ / ٦١٧ ، وسائل الشيعة ٤ : ٢٥ ، أبواب أعداد الفرائض ، ب ٦ ، ح ٥ ، وفيهما : ليس منّي ، بدل : ليس منّا.
(٨) الكافي ٣ : ٢٧٠ / ١٥ ، باب من حافظ على صلاته أو ضيعها ، وسائل الشيعة ٤ : ٢٤ ، أبواب أعداد الفرائض ، ب ٦ ، ح ٣ ، وفيهما : بالصلاة بدل : بصلاته.