وأنه سبحانه «يحتج على العباد بما آتاهم وعرفهم» (١).
وأن الإيمان درجات وأنه لا ينبغي لصاحب الدرجة العالية أن يبرأ من صاحب الدرجة السافلة ولا يوبخه عليها (٢).
وحينئذ ، فتكليف ضعفة العقول كالنساء والبلّه والصبيان ليس كتكليف كاملي العقول وثاقبي الأذهان.
وممّا يؤكد ذلك أيضا أنه قد ورد في أخبارنا أن المستضعفين من المخالفين ممّن يرجى لهم الفوز بالجنة ، وإن دلّت الآية الشريفة على أنهم من المرجئين لأمر الله إلّا إن ظاهر جملة من الأخبار أن عاقبة أمرهم إلى الجنّة (٣) ، بل قال شيخنا المجلسي ـ طاب ثراه ـ على ما نقله عنه السيد نعمة الله رحمهالله في بعض فوائده ـ : (إن المستضعفين والكفّار ممّن لم تقم الحجّة عليه من عوامهم ، ومن بعد عن بلاد الإسلام ممّن يرجى له النجاة) (٤).
ثم قال السيد رحمهالله ـ بعد نقل ذلك عنه ـ : (وهذا القول ، وإن لم يوافقه عليه الأكثر ؛ إلّا إنه غير بعيد ممن تتبع الأخبار) انتهى.
وحينئذ ، فلو أوقع أحد هؤلاء العبادة التي أخذها من آبائه وأسلافه معتقدا أن هذا هو أقصى ما كلّف به وما هو مطلوب منه ، فالظاهر أيضا صحتها بالتقريب المتقدّم. وأمّا بالنسبة إلى من عدا من ذكرنا ، فالظاهر أن جهلهم ليس كجهل اولئك حتّى يكون موجبا للعذر لهم ومصحّحا لعباداتهم ، فإنّه لا أقلّ من أن يكونوا بالاطّلاع على من يصحبونه من المصلّين الآتين بالصلاة على وجهها ،
__________________
(١) الكافي ١ : ١٦٤ / ٤ ، باب حجج الله على خلقه.
(٢) انظر الكافي ٢ : ٤٢ ـ ٤٥ ، باب درجات الإيمان وباب آخر منه ...
(٣) انظر : الكافي ٣ : ٢٤٧ ، باب جنة الدنيا ، بحار الأنوار ٦٩ : ١٥٧ ـ ١٧١ ، ب ١٠٢.
(٤) بحار الأنوار ٨ : ٣٦٣ ، باختلاف.