أهدافه ، ويقنع بالغنائم الشخصيّة.
الثالث : أن يخضع للظروف المعاكسة فيتخلّى مؤقّتاً عن الصراع الفعلي المسلّح ، لكن لا ليرقب الأحداث فقط ، وإنّما ليُكافح على صعيد آخر فيُوجّه الأحداث في صالحه وصالح أهدافه.
ما كان للحسن عليهالسلام باعتباره صاحب رسالة أن يتّخذ الموقف الأوّل ؛ لأنّه لو حارب معاوية في ظروفه التي عرضناها ، وبقواه المُفككة المُتخاذلة ، لكانت نيتجة ذلك أن يُقتل ، ويُستأصل المخلصون من أتباعه. ولا شك أنّه حينئذ كان يُحاط بهالة من الإكبار ، والإعجاب لبسالته وصموده ، ولكنّ النتيجة بالنسبة إلى الدعوة الإسلاميّة ستكون سيئة إلى أبعد حدّ ؛ فإنّها كانت ستفقد فريقاً من أخلص حُماتها دون أن تحصل على شيء سوى أسماء جديدة تُضاف إلى قائمة شهدائها.
كذلك ما كان له باعتباره صاحب رسالة أن ينفض يده من كلّ شيء ويسترسل في حياة الدعة والرغد ، والخلو من هموم القيادة والتنظيم.
لقد كان الموقف الثالث ـ وهو الموقف الذي اتّخذه الإمام الحسن عليهالسلام ـ هو الموقف الوحيد الصحيح بالنسبة إليه ، وذلك أن يعقد مع معاوية هدنة يعدّ فيها المجتمع للثورة.
وذلك لأنّنا نسمح لأنفسنا أن نقع في خطأ كبير حين ننساق إلى الاعتقاد بأنّ الإمام الحسن عليهالسلام قد اعتبر الصلح خاتمة مريحة لمتاعبه ، فما صالح الإمام الحسن عليهالسلام ليستريح ، وإنّما ليُكافح من جديد ، ولكن على صعيد آخر.
فإذا كان الناس قد كرهوا الحرب لطول معاناتهم لها ، ورغبوا في السلم انخداعاً بحملة الدعاية التي بثّها فيهم عملاء معاوية ، إذ مَنّوهم بالرخاء والأعطيات الضخمة ، والدعة والسكينة ، وطاعة لرغبات زعمائهم القبليين ، فإنّ عليهم أن يكتشفوا بأنفسهم مدى الخطأ الذي وقعوا فيه حين ضعفوا عن القيام بتبعات القتال ، وسمحوا للأماني تخدعهم ، ولزعمائهم