وبين أهل الشام ، وجعلوا كلّما لقي بعضهم بعضاً تلاوموا فيما كان ، وأجالوا الرأي فيما يمكن أن يكون. ولم تكد تمضي أعوام قليلة حتّى جعلت وفودهم تفد إلى المدينة للقاء الحسن عليهالسلام ، والقول له ، والاستماع منه».
وقد أقبل عليه ذات يوم وفد من أشراف أهل الكوفة فقال له متكلّمهم سليمان بن صرد الخزاعي :
«ما ينقضي تعجبنا من بيعتك معاوية ومعك أربعون ألف مقاتل من أهل الكوفة كلّهم يأخذ العطاء وهم على أبواب منازلهم ، ومعهم مثلهم من أبنائهم وأتباعهم ، سوى شيعتك [من] أهل البصرة ، وأهل الحجاز ، ثمّ لم تأخذ لنفسك ثقة في العقد ، ولا حظّاً من العطية ، فلو كنت إذا فعلت ما فعلت أشهدت على معاوية وجوه أهل المشرق والمغرب ، وكتبت عليه كتاباً بأنّ الأمر لك بعده ، كان الأمر علينا أيسر ، ولكنّه أعطاك شيئاً بينك وبينه ، ثمّ لم يفِ به ، ثمّ لم يلبث أن قال على رؤوس الناس إنّي كنت شرطت شروطاً ، ووعدت عدات ؛ إرادة لإطفاء نار الحرب ، ومداراة لقطع هذه الفتنة ، فأمّا إذ جمع الله لنا الكلمة والإلفة ، وأمّننا من الفرقة ، فإنّ ذلك تحت قدمي. فوالله ما اغترّني بذلك إلاّ ما كان بينك وبينه وقد نقض ، فإن شئت فأعد الحرب جذعة ، وأذّن في تقدمك إلى الكوفة ، فأخرج عنها عامله ، وأظهر خلعه ، وتنبذ إليهم على سواء إنّ الله لا يحبّ الخائنين».
وقال الآخرون مثل ما قال سليمان بن صرد ... فقال لهم فيما روى البلاذري :
«أنتم شيعتنا ، وأهل مودّتنا ، فلو كنتُ بالحزم في أمر