الدنيا أعمل ، ولسلطانها أعمل وأنصب ما كان معاوية بأبأس منّي بأساً ، ولا أشدّ شكيمة ، ولا أمضى عزيمة ، ولكنّي أرى غير ما رأيتم ؛ وما أردت فيما فعلت إلاّ حقن الدماء ، فارضوا بقضاء الله ، وسلّموا الأمر ، والزموا بيوتكم ، وامسكوا ، وكفّوا أيديكم حتّى يستريح برّ ، ويستراح من فاجر».
«فقد أعطاهم الحسن عليهالسلام ـ كما ترى ـ الرضا حين أعلن إليهم أنّهم شيعة أهل البيت ، وذووا مودّتهم ، وإذن فمن الحقّ عليهم أن يستمعوا له ، ويأتمروا بأمره ، ويكونوا عندما يريد منهم. ثمّ طلب إليهم أن يرضوا بقضاء الله. يطيعوا السلطان ، ويكفّوا أيديهم عنه ، وأنبأهم بأنّهم لن يفعلوا ذلك آخر الدهر ، ولن يستسلموا لعدوهم بغير مقاومة ، وإنّما انتظار إلى حين ، هو انتظار إلى أن يستريح الأبرار من أهل الحقّ ، أو يريح الله من الفجّار من أهل الباطل».
«فهو إذن يهيئهم للحرب حين يأتي إبّانها ، ويحين حينها ، ويأمرهم بالسلم المؤقتة حتّى يستريحوا ويحسنوا الاستعداد. ومَنْ يدري لعلّ معاوية أن يريح الله منه ، فتستقبل الأمّة أمرها على ما يحبّ لها صالحوا المؤمنين» (١).
ولم يكن سليمان بن صرد ومَنْ معه منفردين في هذه الحركة ، فكثيراً ما جاء العراقيون إلى الحسن عليهالسلام يطلبون منه أن يثور ، ولكنّه كان يعدهم المستقبل ويعدّهم للثورة. وها هو يجيب حجر بن عدي الكندي بقوله :
__________________
(١) الدكتور طه حسين : الفتنة الكبري : علي وبنوه ٢٠٦ ـ ٢٠٨.