حلاله ، وأنا أحقّ مَنْ غيّر. وقد أتتني كتبكم ، وقدمت عليّ رسلكم ببيعتكم ، وإنّكم لا تُسلموني ولا تخذلوني ، فإن تممتم عليّ بيعتكم تصيبوا رُشدكم ؛ فإنّي الحسين بن علي ، وابن فاطمة بنت رسول الله صلىاللهعليهوآله ، نفسي مع أنفسكم ، وأهلي مع أهليكم ، فلكم فيّ اُسوة. وإن لم تفعلوا ونقضتم عهدكم ، وخلعتم بيعتي من أعناقكم ، فلعمري ما هي لكم بنُكر ؛ لقد فعلتموها بأبي وأخي وابن عمّي مسلم بن عقيل ، والمغرور مَنْ اغترّ بكم ، فحظّكم أخطأتم ، ونصيبكم ضيّعتم ، ومَنْ نكث فإنّما ينكث على نفسه» (١).
فهو هنا يبيّن لهم أسباب ثورته : إنّها الظلم ، والاضطهاد والتجويع ، وتحريف الدين ، واختلاس أموال الاُمّة. ثمّ انظر كيف لمّح لهم إلى ما يخشون ، لقد علم أنّهم يخشون الثورة لخشيتهم الحرمان والتشريد ، فهم يؤثرون حياتهم على ما فيها من انحطاط وهوان على محاولة التغيير خشية أن يفشلوا فيعانوا القسوة والضّنك.
لقد علم منهم هذا ، فقال لهم :
«وأنا الحسين بن علي ، وابن فاطمة بنت رسول الله صلىاللهعليهوآله».
فبيّن لهم مركزه أوّلاً ، ثمّ قال لهم :
«نفسي مع أنفسكم ، وأهلي مع أهليكم ، فلكم فيّ اُسوة»
فيما قد يحدث من اضطهاد وحرمان. ويقف المتأمّل وقفة اُخرى عند قوله :
__________________
(١) الطبري ٤ / ٣٠٤ ـ ٣٠٥ ، والكامل ٣ / ٢٨٠ ، وأعيان الشيعة ٤ / قسم أول / ٢٢٨ ـ ٢٢٩.