العلاقات الإنسانيّة في الواقع علاقات مُنحطّة وفاسدة ، وموقف الإنسان من الحياة موقف مُتخاذل وموسوم بالانحطاط والانهيار ؛ ولذلك انتهى الواقع إلى حدّ من السوء بحيث غدت الثورة علاجه الوحيد.
وإذاً ، فالدعوة إلى نموذج من الأخلاق أسمى ممّا يُمارسه المجتمع ضرورة لازمة ؛ لأنّه لا بدّ أن تتغيّر نظرة الإنسان إلى نفسه وإلى الآخرين وإلى الحياة ليمكن إصلاح المجتمع.
ولقد قدّم الحسين عليهالسلام وآله وأصحابه ـ في ثورتهم على الحكم الاُموي ـ الأخلاق الإسلاميّة العالية بكلّ صفاتها ونقائها ، ولم يُقدّموا إلى المجتمع الإسلامي هذا اللون من الأخلاق بألسنتهم ، وإنّما كتبوه بدمائهم وحياتهم.
لقد اعتاد الرجل العادي إذ ذاك أن يرى الزعيم القبلي أو الزعيم الديني يبيع ضميره بالمال ، وبعرض الحياة الدنيا. لقد اعتاد أن يرى الجباه تعنوا خضوعاً وخشوعاً لطاغية حقير لمجرد أنّه يملك أن يُحرم من العطاء.
لقد خضع الزعماء الدينيون والسياسيون ليزيد على علمهم بحقارته وانحطاطه ، وخضعوا لعبيد الله بن زياد على علمهم بأصله الحقير ومنبته الوضيع ، وخضعوا لغير هذا وذاك من الطغاة ؛ لأنّ هؤلاء الطغاة يملكون الجاه والمال والنفوذ ، ولأنّ التقرّب منهم والتودّد إليهم كفيل بأن يجعلهم ذوي نفوذ في المجتمع وإن عليهم النعمة والرفاه. وكان هؤلاء الزعماء يرتكبون كلّ شيء في سبيل نيل هذه الحظوة. كانوا يخونون مجتمعهم فيتمالون مع هؤلاء الطغاة على إذلال هذا المجتمع وسحقه وحرمانه ، وكانوا يخونون ضمائرهم فيبتدعون من ألوان الكذب ما يدعم هذه العروش ، وكانوا يخونون دينهم الذي يأمرهم بتحطيم الطغاة بدل عبادتهم.
كان الرجل العادي في المجتمع الإسلامي آنذاك يعرف هذا اللون من الرجال ، ويعرف لوناً آخر منهم وهم اُولئك الزُّهّاد الدّجّالون الذين