ـ ٤ ـ
٣ ـ الأخلاق الجديدة
الثورة الصحيحة هي الاحتجاج النهائي الحاسم على الواقع المعاش ، فبعد أن تخفق جميع الوسائل الاُخرى في تطوير الواقع تصبح الثورة قدراً حتميّاً لا بدّ منه.
والقائمون بالثورة هم دائماً أصح أجزاء الاُمّة ؛ هم الطليعة ، هم النُّخبة التي لم يأسرها الواقع المعاش ، وإنّما بقيت في مستوى أعلى منه وإن كانت تدركه وتعيه ، وترصده وتنفعل به وتتعذّب بسببه.
تُصبح الثورة قدر هذه النُّخبة ومصيرها المحتوم حين تخفق جميع وسائل الصلاح الاُخرى ، وإلاّ فإنّ النُّخبة إذا لم تثر تفقد مُبررات وجودها ، ولا يمكن أن يُقال عنها إنّها نُخبة ، إنّها تكون نُخبة حين يكون لها دور تأريخي وحين تقوم بهذا الدور.
ولا بدّ أن تُبشر الثورة بأخلاق جديدة إذا حدثت في مجتمع ليس له تُراث ديني وإنساني يضمن لأفراده ـ إذا اتّبع ـ حياة إنسانيّة متكاملة ، أو تُحيي المبادئ والقيم التي هجرها المجتمع أو حرّفها إذا كان للمجتمع مثل هذا التُراث كما هو الحال في المجتمع الإسلامي الذي كانت سياسة الاُمويِّين المجافية للإسلام تحمله على هجر القيم الإسلاميّة ، واستلهام الأخلاق الجاهليّة في الحياة.
وتُوفر هذا الهدف في الثورة الصحيحة من جملة مقوّمات وجودها ؛ لأنّ