أهمُّ مراراً أن أسيرَ بجحفلٍ |
|
إلى فئةٍ زاغتْ عن الحقّ ظالمهْ |
فكفّوا وإلاّ زرتُكم بكتائبٍ |
|
أشدّ عليكم من زحوفِ الديالمهْ (١) |
ومن هؤلاء الذين استيقظت ضمائرهم على جريمتهم الرهيبة رضي بن منقذ العبدي ، فقال :
لو شاءَ ربّي ما شهدتُ قتالُهمْ |
|
ولا جعلَ النعماءَ عند ابن جابرِ (٢) |
لقد كانَ ذاكَ اليوم عاراً وسُبّةً |
|
تُعيّرهُ الأبناءُ بعدَ المعاشرِ |
فياليتَ أنّي كنتُ من قبل قتلِهِ |
|
ويومَ حسينٍ كنتُ في رمسِ قابرِ (٣) |
وقد قدّر لهذا الشعور بالإثم أن يبقى مشتعل الأوار ، حافزاً دائماً إلى الثورة والانتقام ، وقدّر له أن يدفع الناس إلى الثورات على الاُمويِّين كلّما سنحت الفرصة ، ثمّ لا يرتوي ولا يهدأ ولا يستكين وإنّما يطلب من صاحبه ضريبة الدم باستمرار ، وكان سبيل ذلك هو الثورة على الظالمين.
__________________
(١) الطبري ٥ / ٤٦٩ ـ ٤٧٠.
(٢) كعب بن جابر : أحد جنود الجيش الاُموي ، قالت له زوجته أو اُخته لمّا رجع من المعركة : «أعنت على ابن فاطمة وقتلت سيد القرّاء؟! لقد أتيت عظيماً من الأمر ، والله لا اُكلمك من رأسي كلمة أبداً». فأجابها بشعر يفتخر فيه بفعله تضمّن بيتاً يذكر فيه أنّه أنقذ رضي بن منقذ من القتل حين أعانه على خصمه في المعركة :
قتلتُ بُريراً ثمّ حمّلتُ نعمةً |
|
أبا منقذٍ لمّا دعا مَنْ يماصعُ |
ونلفت النظر إلى عقيدة الجبر الظاهر عند رضي بن منقذ العبدي في البيت الأوّل في قوله : (لو شاء ربّي ما شهدت قتالهمْ). انظر : تأريخ الطبري ٥ / ٤٣٢ ـ ٤٣٣.
(٣) الطبري ٥ / ٤٣٣.