ثمّ قال : هذه واعية كواعية عثمان (١).
وقد عبّر هذا الشعور بالإثم عن نفسه بالشعر الذي يتفجّر سخطاً ونقمة على الاُمويِّين ، وحنيناً وولاء للحسين عليهالسلام ، وانفعالاً بثورته.
وثمّة نماذج معاصرة للثورة تكشف لنا بصدق وحرارة عن هذا الأثر الذي خلّفته الثورة في المجتمع الإسلامي.
ولعلّ من أصدق النماذج التي حفظها لنا تأريخ تلك الفترة قول عبد الله بن الحرّ الذي فرّ من الكوفة حين اتّهمه عبيد الله بن زياد بعدم الولاء للسلطة ، وقدم إلى كربلاء فنظر إلى مصارع الشهداء وقال :
يقولُ أميرٌ غادرٌ حقّ غادرِ |
|
ألا كنتَ قاتلتَ الشهيدَ ابنَ فاطمهْ |
فيا ندمي ألاّ أكونُ نصرتَهُ |
|
ألا كلّ نفسٍ لا تُسدّدُ نادمهْ |
وإنّي لآسي لم أكن من حماتِهِ |
|
لذو حسرةٍ ما إنْ تُفارق لازمهْ |
سقى اللهُ أرواحَ الذين تآزروا |
|
على نصرهِ سقياً من الغيثِ دائمهْ |
وقفتُ على أجداثِهم ومحالِهمْ |
|
فكادَ الحشى ينفضُّ والعينُ ساجمهْ |
لَعمري لقد كانوا مصاليتَ في الوغى |
|
سراعاً إلى الهيجا حماةً خضارمهْ |
تآسوا على نصرِ ابنِ بنتِ نبيّهمْ |
|
بأسيافِهم آسادُ غيلٍ ضراغمه |
فإنْ يُقتلوا فكلُّ نفسٍ تقيّةٍ |
|
على الأرضِ قد أضحت لذلكَ واجمهْ |
وما إنْ رأى الراؤونَ أفضلَ منهمُ |
|
لدى الموتِ ساداتٍ وزهراً قماقمهْ |
أتقلتُهم ظلماً وترجو ودادنا |
|
فدع خطّةً ليست لنا بملائمهْ |
لَعمري لقد راغمتمونا بقتلِهمْ |
|
فكم ناقمٌ منّا عليكم وناقمهْ |
__________________
(١) الطبري ٤ / ٣٤٦ ـ ٣٥٧ ، الكامل ٣ / ٣٠٠ ، والشماتة في أبغض مظاهرها بيّنة في موقف عمرو بن سعيد الاُموي.