لا نحن نصرناه بأيدينا ، ولا جادلنا عنه بألسنتنا ، ولا قوّيناه بأموالنا ، ولا طلبنا له النصرة إلى عشائرنا ، فما عذرنا عند ربّنا وعند لقاء نبيّنا؟ لا والله لا عذر دون أن تقتلوا قاتليه والموالين عليه ، أو تُقتلوا في طلب ذلك ؛ فعسى ربّنا أن يرضى عنّا عند ذلك».
وتكلّم سليمان بن صرد الخزاعي ـ وقد جعلوه زعيماً لهم ـ فقال :
«إنّا كنّا نمدّ أعناقنا إلى قدوم آل نبيّنا ونُمنّيهم النصر ونحثهم على القدوم ، فلمّا قدموا ونينا وعجزنا وأدهنّا وتربصنا وانتظرنا ما يكون ، حتّى قُتل فينا ولد نبيّنا وسلالته وبضعة من لحمه ودمه. ألا انهضوا قد سخط ربّكم ، ولا ترجعوا إلى الحلائل والأبناء حتّى يرضى الله ، وما أظنّه راضياً حتّى تُناجزوا مَنْ قتله أو تُبيروا ، ألا لا تهابوا الموت ؛ فوالله ما هابه امرؤ قطّ إلاّ ذلّ. كونوا كالأوّل من بني إسرائيل إذ قال لهم نبيّهم : (إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ)».
وكتب سليمان بن صرد إلى سعد بن حذيفة بن اليمان ومَنْ معه من الشيعة بالمدائن يأمرهم فأجابوه إلى دعوته ، وكتب إلى المثنى بن مخرمة العبدي في البصرة وللشيعة هناك فأجابوه إلى ذلك.
وكان أوّل ما ابتدؤوا به أمرهم بعد قتل الحسين عليهالسلام سنة إحدى وستين ، فما زالوا بجمع آلة الحرب ودعاء الناس في السرّ إلى الطلب بدم الحسين عليهالسلام ، فكان يجيبهم القوم بعد القوم ، والنفر بعد النفر من الشيعة وغيرها ، فلم يزالوا كذلك [حتّى] مات يزيد ، فخرجت طائفة دعاة يدعون الناس