«... أمّا حمل فيئنا برضانا فإنّا نشهد أنّا لا نرضى أن يُحمل عنّا فضله ، وألاّ يُقسم إلاّ فينا ، وأن لا يُسار فينا إلاّ بسيرة علي بن أبي طالب التي سار بها في بلادنا هذه ، ولا حاجة لنا في سيرة عثمان في فيئنا ولا في أنفسنا ، ولا في سيرة عمر بن الخطّاب فينا وإن كانت أهون السيرتين علينا» (١).
كان هذا أو ذاك سبباً في انخذال الناس عن ابن الزّبير وتأييدهم لثورة المختار عليه ، ولقد ربط المختار دعوته بمحمد بن الحنفيّة بن علي بن أبي طالب عليهمالسلام ، وهذا ما جعلهم يطمئنون إلى عدل السيرة والإصلاح ، لقد جعل شعاره «يا لثارات الحسين» وهذا يُحقّق لهم الهدف الثاني.
ولقد حارب عبد الله بن مطيع عامل ابن الزّبير في الكوفة الثائرين مع المختار بالرجال الذين تولّوا قتل الحسين عليهالسلام. لقد حاربهم بشمر بن ذي الجوشن ، وعمرو بن الحجّاج ، وشبث بن ربعي وأمثالهم ، وكان هذا كافياً في حفز الثائرين على المضي في ثورتهم والتصميم على النصر.
وقد أنصف المختار عندما تولّى الحكم طبقة في المجتمع الإسلامي كانت مُضطهدة في عهد الاُمويِّين واستمر اضطهادها في عهد ابن الزّبير ، وهي طبقة الموالي «المسلمين غير العرب» ، فقد كانت عليهم واجبات المسلمين ولم تكن لهم حقوقهم ، فلمّا استتب الأمر للمختار أنصفهم فجعل لهم من الحقوق مثل ما لغيرهم من عامّة المسلمين.
وقد أثار هذا العمل الأشراف وسادة القبائل فتكتّلوا ضدّ المختار ، وتآمروا عليه ، وأجمعوا على حربه ، وكان على رأس هؤلاء المتمردين قتلة الحسين عليهالسلام ، ولكنّهم فشلوا في حركتهم (٢).
__________________
(١) أنساب الأشراف ٥ / ٢٢٠ ـ ٢٢١.
(٢) الطبري ٤ / ٥١٧.