تناولاً يُتيح له أن يكون عاملاً مطوّراً فيما يتعلّق بموقفنا من الحياة والكون.
إنّ اُمّتنا الإسلاميّة تجتاز في هذه الحقبة أدق وأخطر مرحلة من مراحل كفاحها الطويل عبر العصور.
لقد حقّقت انتصارات باهرة يجب أن تُحافظ عليها ، وتعمل في الوقت نفسه لتحقيق انتصارات جديدة. وهنا تكمن الخطورة في هذه المرحلة ؛ إنّها الآن حين تقنع بالانتصارات التي حقّقتها وتقعد عن محاولة تحقيق غيرها تتعرّض لخطر فقد هذه الانتصارات نفسها ، ولذلك فيجب أن تحمي هذه الأمّة نفسها من تطرق الوهن والاستسلام إليها. يجب ألا ترضى عن نفسها.
هذه واحدة.
واُخرى وهي أنّها إذا صمّمت على السير ولم تهن ولم تنكل يخشى عليها أن تزيغ وتنحرف في تطوّرها إذا لم يكن عندها ... في أعماقها محور ترتكز عليه وترجع إليه ، محور نابع من شخصيّتها التأريخيّة وذاتيتها العقائديّة.
وما يُؤمنها من أنفسها ، وما يُؤمنها من الزيغ والانحراف في تطوّرها هو أن تعي تأريخها بعد تطهيره ، وتأريخها هي ـ تأريخ الاُمم ـ ليس تأريخ حروب حكّامها ، وانتصاراتهم ومجالس لهوهم ، وإنّما هو تأريخ ثوراتها على هؤلاء الحكّام. إنّ ثورات الاُمم هي التي تمثّل روحها ونضالها وإيمانها ، أمّا الحكّام الذين ثارت عليهم فليسوا منها ؛ لو كانوا منها لما ثارت عليهم ، لو كانوا منها لأحسوا بعذابها ، ولما خلقوا بتصرّفاتهم مبرّرات ثوراتها.
إنّ تأريخ الثورات هو تأريخ الشعوب.
ولكي تبقى هذه الشعوب في يقظة دائمة لئلاّ تخدع عن انتصاراتها ، ولكي