تبقى في وعي دائم لعملها التطويري الذي تمارسه يجب أن تكون في ثورة دائمة على أعدائها في الخارج والداخل لتحتفظ بانتصاراتها ، وثورة دائمة على نفسها تتناول نفسها بالنقد ، وتفحص موقفها دائماً ؛ لئلاّ تنحرف وتزيغ. ولكي تبقى في ثورة دائمة تُصحح بها أوضاعها من الداخل والخارج يجب أن تُلقن تاريخ نفسها تاريخ ثوراتها.
ففي هذا التأريخ تجد الأساس التأريخي لشخصيتها العقائديّة والنضاليّة فتعصمها شخصيتها العقائديّة من الزيغ والانحراف ، وتعصمها شخصيتها النضاليّة من الوهن والنكول.
ولقد أهمل المؤرّخون الأقدمون تأريخ الثورات أو زيّفوه ؛ لأنّهم ـ بوحي من أنفسهم أو حكّامهم ـ كانوا يعتبرون هذه الثورات حركات تمرّد وعصيان ضدّ السلطة الشرعية.
أمّا الآن ، فيجب أن يُصحح الوضع ، يجب أن يُكتب التأريخ النضالي لأمّتنا كتابة صحيحة ، يجب أن يكشف عن العذاب والاضطهاد والجوع الذي كان يدفع الناس إلى الثورة ، إلى الموت احتجاجاً على واقعهم. يجب أن يكشف عن الشخصيّة التأريخيّة لهذه الأمّة ، ومحور ارتكازها العقائدي والنضالي غير التاريخ. يجب أن يكشف عن مناقبيّة الثائرين التي كانت تعصمهم دائماً من أن ينقلبوا إلى لصوص ، أو سفّاحي دماء لا هدف لهم ولا يشعرون بمسؤوليتهم.
وتأريخ أمّتنا النضالي تأريخ مضيء ؛ فالثورات التي قامت بها أمّتنا عبر العصور كانت دائماً تعبّر تعبيراً تلقائياً حرّاً عن هذه الأمّة وعن إنسانيتها ، وعن رغبتها الحارّة في أن تعيش متمتّعة بكافة حقوقها الإنسانيّة.
وتأتي ثورة الحسين عليهالسلام في كربلاء على رأس هذا التأريخ.
فهي رأس الحربة في التأريخ الثوري ، هي الثورة الأولى التي عبّأت الناس ودفعت بهم في الطريق الدامي الطويل ، طريق النضال ، بعد أن