بسبب ذلك ، وكان يهتمّ بمفاخر قبيلته ، ومثالب غيرها من القبائل ، ويروي الأشعار في هذا وذاك.
وهذا مُخطّط لحياة الرجل العادي إذ ذاك.
أمّا أصحاب الحسين عليهالسلام فقد كان لهم شأن آخر.
لقد كانت العُصبة التي رافقت الحسين عليهالسلام وشاركته في مصيره رجالاً عاديين ، لكلّ منهم بيت وزوجة ، وأطفال وصداقات ، ولكلّ منهم عطاء من بيت المال ، وكان كثير منهم لا يزال في ميعة الصبا ، في حياته مُتّسع للاستمتاع بالحُبّ وطيّبات الحياة ، ولكنّهم جميعاً خرجوا عن ذلك كلّه ، وواجهوا مُجتمعهم بعزمهم على الموت مع الحسين عليهالسلام ... لقد ثاروا على مُجتمعهم القبلي ، وعلى مُجتمعهم الكبير في سبيل مبدأ آمنوا به ، وصمّموا على الموت في سبيله.
* * *
ولقد عملت هذه الأخلاق عملها في إكساب الحياة الإسلاميّة سِمَة كانت قد فقدتها قبل ثورة الحسين عليهالسلام بوقت طويل ، ذلك هو الدور الذي غدا الرجل العادي يقوم به في الحياة العامّة بعد أن تأثّر وجدانه بسلوك الثائرين في كربلاء ، قد بدأ الحكام المُجافون للإسلام يحسبون حساباً لهؤلاء الرجال العاديين ، وبدأ المجتمع الإسلامي يشهد من حين لآخر ثورات عارمة يقوم بها الرجال العاديون على الحاكمين الظالمين وأعوانهم ؛ لبُعدهم عن الإسلام ، وعدم استجابتهم لأوامر الله ونواهيه في سلوكهم. ثورات كانت رُوح كربلاء تلهب أكثر القائمين بها ، وتدفعهم إلى الاستماتة في سبيل ما يرونه حقّاً.
ولقد تحطّمت دولة أُميّة بهذه الثورات ، وقامت دولة العبّاسيين بوحي من الأفكار التي كانت تُبشر بها هذه الثورات. ولمّا تبيّن للناس أنّ العبّاسيين