أُميّة وآل أبي معيط ؛ فقد اتّضح في وقت مبكّر أنّ عثمان ليس إلاّ واجهة يكمن خلفها الاُمويّون. وسرعان ما عزّزت الأحداث هذا ؛ وذلك إنّ عثمان أسند إلى آله وذويه الولايات الكبرى في دولة الخلافة ، وهي : البصرة والكوفة ، والشام ومصر ، وهذه الولايات الكبرى الأربع هي الولايات ذات المنزلة العظيمة في الحرب والاقتصاد والاجتماع. فهي مركز الثروة المالية ، والزراعية لدولة الخلافة منها تُحمل الأموال والأقوات ، وهي مركز تجمّع الجيوش الإسلاميّة الوافدة من شتى بقاع الدولة ، وهي مركز عمليات الفتح الكبرى التي كانت إذ ذاك لا تزال في أوجها ، وما عدا هذه الولايات فذو شأن ثانوي لا يُؤبه له ، ولا يُلتف إليه.
لقد ولّى عثمان على البصرة ابن خاله عبد الله بن عامر بن كريز ، وعمره خمس وعشرون سنة ، وولّى على الكوفة أخاه الوليد بن عقبة بن أبي معيط ، ثمّ عزله تحت ضغط الرأي العام بعد أن ثبت عليه شرب الخمر والتهتّك ، وولّى مكانه سعيد بن العاص ، وكان معاوية عاملاً لعمر على دمشق والأردن فضمّ إليه عثمان ولاية حمص ، وفلسطين ، والجزيرة ، وبذلك مدّ له في أسباب السّلطان إلى أبعد مدى مُستطاع ، وولّى مصر أخاه من الرضاعة عبد الله بن سعد بن أبي سرح.
كان هؤلاء الولاة جميعاً من قرابة عثمان ، ولم يكن سلوكهم الديني أو الإداري أو هما معاً في أمصارهم ومع رعيتهم مُرضياً ومقبولاً ؛ فقد كانوا جميعاً من قريش ، وكانوا في تصرّفاتهم لا يخفون قبليتهم وتعصّبهم على غير قريش من قبائل العرب ؛ ففي الكوفة تجبّر سعيد بن العاص وتعصّب لقريش ، وقال :
«إنّما السّواد بُستان لقريش ما شئنا أخذنا منه وما شئنا تركناه».
فلمّا اعترضه المسلمون من غير قريش نفاهم إلى الشام ، وإذا بمعاوية