يكُفّ عن المعارضة أيضاً ، فنفاه عثمان إلى الربذة ، ولبث فيها حتّى مات غريباً وحيداً سنة ٣٢ هـ.
وعارضه عمّار بن ياسر حليف بني مخزوم ، فشتمه عثمان وضربه حتّى غُشي عليه سائر النهار ، ولكنّ هذا العنف لم يثنِ عماراً فاستمر في معارضته ، فشتمه عثمان وأمر به فطرح على الأرض ، ووطئه برجليه وهما في الخف حتّى أصابه الفتق.
وعارضه غير هؤلاء من الصحابة من المهاجرين والأنصار في الأحداث التي كان يقدم عليها ، والسياسة التي كان ينتهجها ، فلم يسمع منهم ولم يستجيب لهم.
وقد كانت هذه المُعارضة تشيع في المسلمين فينتظرون من عثمان أن يستجيب لها ؛ لأنّها كانت معارضة قائمة على إدراك حاجات المجتمع ، وكانت تعبيراً عن عدم رضا المسلمين عن السياسة التي كانوا يُساسون بها ، ولكنّهم بدل ذلك كانوا يرون ويسمعون أنّ عثمان وآله قد نكّلوا بالمعارضين هذا التنكيل الشديد ، ومسّوهم بهذا الأذى البالغ ، ولم يستجيبوا إلى شيء ممّا دعوا إليه.
وقد أثار موقفه هذا سخط عامّة المسلمين ؛ فهؤلاء المعارضون من أعلام الصحابة وأركان الدعوة ، يمتهنهم عثمان ويضطهدهم لدعائهم إيّاه إلى الإصلاح في الوقت الذي يسمع فيه من مروان بن الحكم وأشباهه من بني أُميّة وأنصارهم من مسلمة الفتح الطلقاء ، الذين ليس لهم سابقة ولا مكانة في الإسلام. وهؤلاء المعارضون كانوا يعبّرون بمعارضتهم هذه عن إرادة جميع المسلمين الذي آذتهم سياسة عثمان في كراماتهم وأرزاقهم ، ولم يُفسّر المسلمون موقف عثمان من المعارضين إلاّ بأنّه عازم على المضي في سياسته دون الالتفات إلى أيّ نُصح أو تحذير.
وإلى جانب هذه المعارضة الصادقة المخلصة ، الهادفة إلى خير المسلمين