على أعمالهم ، ولكنّه أبى عليه ذلك وعزلهم ، وكلّمه طلحة والزبير في شأن الولاية على الكوفة والبصرة فردّهما ردّاً رفيقاً ، وولّى رجالاً من أهل الدين ، والعفّة والحزم ، فولّى على البصرة عثمان بن حُنيف (١) ، وعلى الشام سهل بن حُنيف ، وعلى مصر قيس بن سعد بن عبادة ، وثبّت أبا موسى الأشعري على الكوفة ، وهذه هي الأمصار الكبرى في دولة الخلافة حينذاك. وقد أصاب هذا الإجراء قريشاً بضربة قاصمة في كبريائها ، وسلطانها ونفوذها ؛ لأنّ هؤلاء جميعاً من غير قريش.
وقد قال في شأن ولاة عثمان ومَنْ لفّ لفّهم :
«... وَلَكِنَّنِي آسَى أَنْ يَلِيَ أَمْرَ هَذِهِ الأُمَّةِ سُفَهَاؤُهَا وَفُجَّارُهَا ، فَيَتَّخِذُوا مَالَ اللَّهِ دُوَلاً ، وعِبَادَهُ خَوَلاً ، وَالصَّالِحِينَ حَرْباً ، وَالْفَاسِقِينَ حِزْباً ؛ فَإِنَّ مِنْهُمُ الَّذِي قَدْ شَرِبَ فِيكُمُ الْحَرَامَ ، وَجُلِدَ حَدّاً فِي الإِسْلامِ ، وَإِنَّ مِنْهُمْ مَنْ لَمْ يُسْلِمْ حَتَّى رُضِخَتْ لَهُ عَلَى الإِسْلامِ الرَّضَائِخُ» (١).
* * *
وفيما يرجع إلى الحقوق نادى بأنّ المسلمين جميعاً سواء في الحقوق والواجبات في الإسلام ، وقد كانت هناك فروق حقوقية جاهليّة قضى عليها الإسلام ، وأُعيدت في عهود لاحقة ؛ فقريش ذات الماضي العريق في السيادة على القبائل العربية عادت في عهد عثمان إلى إيمانها بتلك الفروق ، فغدا أُناس ليس لهم ماضٍ مشرّف بالنسبة إلى الإسلام ونبيّه يتعالون على أعظم المسلمين جهاداً ، وسابقة وبلاء لمجرّد أنّهم قرشيون .. هذه الفروق المعنوية الجاهليّة قضى عليها الإمام عليهالسلام ، فقال :
__________________
(١) نهج البلاغة.