«الذليل عندي عزيز حتّى آخذ الحقّ له ، والقوي عندي ضعيف حتّى آخذ الحقّ منه» (١).
* * *
وفيما يرجع إلى سياسة المال وقف موقفاً صارماً ، وكانت تواجهه فيما يتعلّق بهذه السياسة نقطتان هامّتان ؛ إحداهما الثروات التي تكوّنت في أيام عثمان بأسباب غير مشروعة ، والثانية أسلوب توزيع العطاء.
وقد أعلن في الخُطب الأولى التي استهل بها حكمه مصادرة جميع ما أقطعه عثمان من القطائع وما وهبه من الأموال العظيمة لطبقة الإرستوقراطيين ، كما أعلن أنّه سيتّبع مبدأ المساواة في العطاء ، فقال :
«أيّها الناس ، إنّي رجل منكم ، لي ما لكم وعليّ ما عليكم ، وإنّي حاملكم على منهج نبيّكم ، ومنفّذ فيكم ما أمر به. ألا وإنّ كلّ قطيعة أقطعها عثمان ، وكلّ مال أعطاه من مال الله فهو مردود في بيت المال ؛ فإنّ الحقّ لا يبطله شيء ، ولَوْ وَجَدْتُهُ قَدْ تُزُوِّجَ بِهِ النِّسَاءُ ، وَمُلِكَ بِهِ الإِمَاءُ لَرَدَدْتُهُ ؛ فَإِنَّ فِي الْعَدْلِ سَعَةً ، وَمَنْ ضَاقَ عَلَيْهِ الْعَدْلُ فَالْجَوْرُ عَلَيْهِ أَضْيَقُ» (٢).
وقال من خطاب آخر :
«... ألا لا يقولنّ رجال منكم غداً غمرتهم الدنيا فاتّخذوا العقار ، وفجّروا الأنهار ، وركبوا الخيول الفارهة ، واتّخذوا الوصائف الرُّوقة ، فصار ذلك عليهم عاراً وشناراً ، إذا ما منعتهم ما كانوا يخوضون فيه ، وأخّرتهم
__________________
(١) نهج البلاغة.
(٢) نهج البلاغة ١ / ٥٩. وشرح نهج البلاغة ١ / ٢٦٩ ـ ٢٧٠.