ولم يفضّل أحداً على أحد. وتخلّف عن هذا القسم يومئذ طلحة ، والزبير ، وعبد الله بن عمر ، وسعيد بن العاص ، ومروان بن الحكم ، ورجال من قريش وغيرها (١).
* * *
وهكذا قضى بسرعة وحسم على شرعيّة التفاوت الطبقي بما له من ذيول اقتصادية ودينية ، فسوّى بين المعتقين والأحرار ، والسابقين في الإسلام والمسلمين الجدد ، ولم يجعل من الفضل الديني ذريعة إلى المغانم الاقتصادية ، كما شلّ بإجراء آخر قوّة هذه الطبقة التي تكوّنت في عهد عثمان ؛ وذلك حين صادر قطاع عثمان والأموال التي أعطاها.
وبقدر ما كانت هذه السياسة مصدر فرح وجدل للطّبقة المستضعفة الفقيرة الرازخة تحت أثقال من الظلم ، كانت أيضاً صفعة لقريش ولغرورها ، وخيلائها واستعلائها على الناس ، فمن أين لها بعد اليوم أن تحوز الأموال العظيمة دون أن تنفرج شقتان لتقولا لها : من أين لك هذا؟
وكيف لها بعد اليوم أن تستعلي وتستبد ، وتفرض على الناس في ظلّ الإسلام سلطانها عليهم في الجاهليّة.
ولعلّ قادة الطبقة الثرية وزعماءها فكّروا في أن يساوموا علياً على بذل طاعتهم له على أن يُغضي عمّا سلف منهم ، ويأخذهم باللين والهوادة فيما يستقبلون ، فأرسلوا إليه الوليد بن عقبة بن أبي معيط ، فجاء إليه وقال :
«يا أبا الحسن ، إنّك قد وترتنا جميعاً ، ونحن إخوتك ونظراؤك من بني عبد مناف ، ونحن نبايعك اليوم على أن تضع عنّا ما أصبناه من المال أيّام عثمان ، وأن تقتل قتلته ، وإنّا إن خفناك تركناك فالتحقنا بالشام».
__________________
(١) شرح نهج البلاغة ٧ / ٣٧ ـ ٣٨.