فقال عليهالسلام :
«أمّا ما ذكرتم من وتري إيّاكم فالحقّ وتركم ؛ وأمّا وضعي عنكم ما أصبتم فليس لي أن أضع حقّ الله عنكم ولا من غيركم ...» (١).
ولمّا أيقن زعماء هذه الطبقة أنّهم لن يُفلحوا عن طريق المساومة والتهديد ، لجؤوا إلى السعي لنقض البيعة ، وقد جاء مَنْ أخبر علياً بأنّهم يدعون الناس إلى رفض البيعة ؛ مدفوعين إلى ذلك بالامتيازات الاقتصادية والاجتماعيّة التي فقدوها.
فخطب الناس ، وكأنّه أراد بذلك أن يكشف عناصر الفتنة الجديدة ، ويخرج بالمسألة من حدود الهمس والعمل في الظلام إلى الصعيد العام ، ويسلّط عليه وعلى زعمائها النور ، ويفضح أهدافهم ، ويُطلع الأمّة على المناورة التي تريد أن تحوّل نتائج الثورة إلى مغانم شخصيّة ، وتُعيد الأوضاع القديمة كما كانت ، فلا تحصل الأمّة من ثورتها إلاّ على تبديل الوجوه.
وقد أكّد في هذه الخطبة عزمه على مواصلة تطبيق المنهج الذي بدأ به ، فقال :
«فأمّا هذا الفيء فليس لأحد على أحد فيه أثرَة ، وقد فرغ الله من قسمته ، فهو مال الله ، وأنتم عباد الله المسلمون ، وهذا كتاب الله به أقررنا وله أسلمنا ، وعهد نبيّنا بين أظهرنا ، فمَنْ لم يرض به فليتولّ كيف شاء» (٢).
ولكنّ الإرستقراطية الجديدة لم تقف مكتوفة اليدين ، فقامت بحركة تمرّد الأولى في البصرة تحت ستار الثأر لعثمان ، وما هي في واقعها إلاّ
__________________
(١) شرح نهج البلاغة ٧ / ٣٨ ـ ٣٩.
(٢) المصدر السابق ٧ / ٣٩ ـ ٤٠.