أو عندنا فافعل ؛ فإنّ عطاءك سيأتيك» (١).
* * *
ولقد كانت سياسة عمّال معاوية على أمصار الدولة هي سياسة معاوية نفسه ، فيعمد الوالي إلى إثارة العصبيات القبلية فيما بين القبائل ؛ ليشغلها عن مراقبته والاتّحاد ضدّه ، بالتناحر عنده فيما بينها ، وقد لاحظ ولهاوزن هذه الظاهرة ، وقال عنها :
«... وأججّ الولاة نار هذه الخصومة ـ يعني الخصومة بين القبائل ـ ولم يكن تحت تصرّف الولاة إلاّ شرطة قليلة ، وفيما سوى ذلك كانت فرقهم من مقاتلة المصر ، وهي قوّة الدفاع في القبائل ، حتّى إذا أحسنوا التصرّف تهيّأ لهم أن يضربوا القبائل بعضها ببعض ، وأن يثبتوا مركزهم بينهم. وكثيراً ما كان يحدث أنّ الوالي يعتمد على إحدى القبائل ضدّ الأخرى ، وبوجه عام على قبيلته التي أتى بها معه ، حتّى إذا أتى والٍ جديد أتت قبيلة أخرى إلى الحكم ، وينتج من ذلك أنّ القبيلة التي نُحّيت عن الحكم تُصبح عدوّاً لدوداً للقبيلة التي تحكم ، وهكذا أضحت الميزات القبلية ملطّخة بالسياسة والخصام على الغنائم السياسيّة» (٢).
__________________
(١) زيدان : التمدن الإسلامي ٤ / ٧٤ ـ ٧٥. وقد جنى معاوية من فعله هذا ولاء مسكين الدارمي ، وها هو يزين له استخلاف يزيد بقوله :
ألا ليتَ شعري ما يقول ابنُ عامرٍ |
|
ومروانُ أم ماذا يقول سعيدُ |
بني خلفاء اللهِ مهلاً فإنّما |
|
يُبوّئها الرحمان حيث يريدُ |
إذا المنبرُ الغربيُّ خلاه ربُّه |
|
فإنّ أميرَ المؤمنين يزيدُ |
تأريخ الشعر السياسي : ٢٤١. ولا يفوتنا أن نلاحظ أنّ البيت الأوّل يشهد لهذا التناحر الذي كان يعمل عمله في صميم الأسرة الاُمويّة. ويشير إلى الأسماء البارزة في هذا الصراع : عبد الله بن عامر ، ومروان بن الحكم ، وسعيد بن العاص.
(٢) ولهاوزن : الدولة العربية : ٥٨.