والعمل الآخر الذي قام به معاوية في هذا المجال هو إثارته للعصبية العنصرية عند العرب عموماً ضدّ المسلمين غير العرب ، وقد أغرى هذا الموقف رؤساء القبائل العراقية فاندفعوا ينصحون الإمام علياً عليهالسلام قائلين :
«يا أمير المؤمنين ، أعطِ هذه الأموال ، وفضّل هؤلاء الأشراف من العرب وقريش على الموالي والعجم ، واستمل مَنْ تخاف خلافه من الناس».
ناظرين إلى ما يصنع معاوية ، ولكنّ الإمام علياً عليهالسلام أجابهم قائلاً :
«أَتَأْمُرُونِّي أَنْ أَطْلُبَ النَّصْرَ بِالْجَوْرِ فِيمَنْ وُلِّيتُ عَلَيْهِ؟! وَاللَّهِ لا أَطُورُ بِهِ مَا سَمَرَ سَمِيرٌ ، وَمَا أَمَّ نَجْمٌ فِي السَّمَاءِ نَجْماً» (١).
أمّا السياسة الاُمويّة فلها من الموالي موقف آخر. «تخاصم عربي ومولى بين يدي عبد الله بن عامر.
فقال المولى للعربي :
لا أكثر الله فينا مثلك.
فقال العربي : بل كثّر الله فينا مثلك.
فقيل له : يدعو عليك وتدعو له
وقال : نعم ، يكسحون طرقنا ، ويخرزون خفافنا ، ويحوكون ثيابنا».
وقالوا : لا يصلح للقضاء إلاّ عربي. واستدعى معاوية بن أبي سفيان الأحنف بن قيس ، وسمرة بن جندب ، وقال لهما :
«إنّي رأيت هذه الحمراء قد كثرت ، وأراها قد قطعت
__________________
(١) دراسات في نهج البلاغة للمؤلف ١٧٠ ـ ١٧٤ ونهج البلاغة (دار الأندلس ٢ / ٧٢).