«قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : إنّكم سترون بعدي أثرة وأموراً تنكرونها. قالوا : فماذا تأمرنا يا رسول الله؟ قال : أدّوا إليهم حقّهم ، وسلوا الله حقّكم». و : «مَنْ رأى من أميره شيئاً يكرهه فليصبر عليه ؛ فإنّ مَنْ فارق الجماعة شبراً فمات إلاّ ميتة جاهليّة».
و : «ستكون هنات وهنات ، فمَنْ أراد أن يفرّق أمر هذه الأمّة وهي جمع فاضربوه بالسيف كائناً ما كان» (١).
وحدّث العجّاج قال : قال لي أبو هريرة :
«مَنْ أنت؟ قال : قالت : من أهل العراق. قال : يوشك أن يأتيك بقعان أهل الشام فيأخذوا صدقتك ، فإذا أتوك فتلقّهم بها ، فإذا دخلوها فكن في أقاصيها ، وخلّ عنهم وعنها. وإيّاك أن تسبّهم ؛ فإنّك إن سببتهم ذهب أجرك وأخذوا صدقتك ، وإن صبرت جاءتك في ميزانك يوم القيامة» (١).
وما شاكل هذا من الأحاديث التي تدعو المسلمين إلى الخضوع لأمرائهم الظالمين ، وتحرّم عليهم الثورة على هؤلاء الأمراء طلباً لحقّهم.
إنّ هذه الأحاديث تدعو إلى الصبر على الظلم والجوع والإرهاب ؛ لأنّ استنكار ذلك مخالف للدين.
وينطلق المأجورون من الوعّاظ والمحدّثين فينفثون هذه السموم في قلوب الجماهير المسلمة وعقولها ، وبذلك يلجمونها عن التذمّر والثورة بلجام ينسبونه إلى الدين والدين منه بريء ، يقعدون بها عن الاحتجاج على سياسة
__________________
(١) تجد هذه النصوص وغيرها في البخاري وغيره من كتب الحديث.
(٢) ابن قتيبة : عيون الأخبار ١ / ٧.