العسف والظلم ، ويحجزونها عن محاولة تحسين حياتها.
* * *
هذا لون من ألوان التضليل الديني الذي ابتدعه الاُمويّون لتثبيت ملكهم. وهنا لون آخر من ألوان التضليل الديني استخدموه وبرعوا في استخدامه ، وهو تأسيس الفرق الدينية السياسيّة التي تُقدّم للجماهير تفسيرات دينية تخدم سلطة الاُمويِّين وتبرّر أعمالهم.
ومن الأمثلة البارزة في هذا الميدان فرقة المرجئة ، فقد كان الاُمويّون يواجهون الشيعة الذين يعتبرون بني اُميّة قتلة غاصبين لتراث النبي صلىاللهعليهوآله ، والخوراج الذين يرونهم كفرة تجب الثورة عليهم وإزاحتهم عن الحكم. وكان كلّ واحد من هذين الفريقين يُقدّم بين يدي دعواه حججاً لا يملك الاُمويّون ما يُقابلها ؛ لذلك أنشؤوا فرقة المرجئة التي قدّمت أدلّة مقابلة لأدلّة الشيعة والخوارج ، ووقفت ضدّهم في ميدان النضال السياسي الديني.
ويحدّثنا ابن أبي الحديد أنّ معاوية كان يتظاهر بالجبر والإرجاء ، وأنّ المعتزلة كفّروه لذلك (١).
لقد اعتبروا المرجئة الإيمان عملاً قلبياً خالصاً لا يحتاج إلى التعبير عنه بفعل من الأفعال ، فيكفي الإنسان أن يكون مؤمناً بقلبه ليعصمه الإسلام ، ويحرم الاعتداء عليه ، وهم ينادون :
«لا تضرّ مع الإيمان معصية كما لا تنفع مع الكفر طاعة» وقالوا :
«إنّ الإيمان الاعتقاد بالقلب ، وإن أعلن الكفر بلسانه
__________________
(١) شرح نهج البلاغة ١ / ٣٤٠.