مستقلاً عن غيرها. وهذا ما سيتّضح أكثر من المستويات التالية بعونه سبحانه.
المستوى الثاني : إنّني أعتقدُ أنّ الله سبحانه جَعل بإزاء تضحية الحسين عليهالسلام نوعين مهمّين من الثواب لا نوعاً واحداً ، أحدهما : الثواب الأخروي ، وهو المشار إليه بقول النبي صلىاللهعليهوآله في الرواية : «إنّ لك في الجنّة لدرجات لن تنالها إلاّ بالشهادة» (١).
وثانيهما : الثواب الدنيوي : وهي عدّة أمور يسّرها الله سبحانه وتعالى خلال الأعوام والأجيال المتأخّرة عن مقتله (سلام الله عليه) ، وأعتقدُ أنّه جلّ جلاله إنّما يسّرها لمصلحة الأجيال ، وإلاّ فإنّ الحسين عليهالسلام أجَلّ مِن أن تنالهُ الفائدة منها بقليلٍ ولا بكثير ، وإن كنّا نقول : إنّها تصلح أن تكون جزاءً له على التضحية لمدى أهميّتها البالغة كما سنعرف ، إلاّ أنّها دنيويّة أي حاصلة في الدنيا ، والحسين عليهالسلام لم يقصد في تضحيته أيّ شيء من أمور الدنيا ممّا قلّ أو كثُر يقيناً ، وإنّما حَصلت لأجل مصلحة هداية الآخرين لا أكثر ، ونستطيع أن نعدّ منها الأمور التالية :
الأمرُ الأوّل : إنّ الإمامة في ذريّته لا في ذريّة الحسن أخيه عليهالسلام.
الأمرُ الثاني : حُسن الظنّ به خلال الأجيال ابتداء من قاتليه أنفسهم إلى الأجيال المتأخّرة عنه إلى يوم القيامة ، حتّى في ضمائر الأعداء وغير المسلمين ، ولذا نسمع قاتلهُ يقول للحاكم الأموي بعد انتهاء الواقعة على ما ورد :
املأ ركابي فضّةً أو ذَهباً |
|
إنّي قتلتُ السيّد المحجّبا |
قتلتُ خيرَ الناس أُمّاً وأباً (٢)
__________________
(١) أمالي الصدوق : مجلس ٣٠ ، ص ١٣٥ ، الخوارزمي : ج ١ ، ص ١٨٥ ، البحار : ج ٤٤ ، ص ٣٢٨.
(٢) العقد الفريد : ج ٤ ، ص ٣٨١ ، تاريخ الطبري : ج ٦ ، ص ٢٦١ ، الكامل لابن الأثير : ج ٣ ، ص ٢٩٦ ، كشف الغمّة للإربلي : ج ٢ ، ص ٢٦٣ ، مقتل الخوارزمي : ج ٢ ، ص ٤٠ ، مناقب ابن شهرآشوب : ج ٣ ، ص ٢٥٦.