أنّه ليس كلّ أهداف البكاء مشروعة ، أو لا ثواب عليها على الأقل.
أو قل : لا تجب لهُ الجنّة بكلّ تأكيد ، كمَن بكى للدنيا أو لمصيبة عاطفيّة ونحوها ، إذاً فالأمر مقيّد بالبكاء المرضيّ لله عزّ وجل.
ثالثاً : إنّ متعلّق البكاء لم يُذكر في هذه العبارة ، حتّى الصالح منه يعني لم يقل : إنّ البكاء من أجل الحسين عليهالسلام ـ كما يفهم المشهور ـ أو من خوف الله عزّ وجل ، أو شوقاً إلى الثواب ، أو أيّ شيء آخر ، ومن هنا لا دليل على اختصاصه بالحسين عليهالسلام.
رابعاً : إنّ وجوب الجنّة بل مطلق الثواب ، لا يكون إلاّ بحفظ الشرائط الأخرى الضروريّة في الدين ؛ لوضوح عدم شمولها للكفّار والفَسَقة وأضرابهم ، إذاً فيكون المعنى : مَن أضافَ إلى حسناته البكاء ، وجَبت له الجنّة. ومن الواضح أنّها لم تقل ذلك بوضوح ، إذاً فيبقى إطلاقها غير ثابت.
خامساً : إنّ وجوب دخول الجنّة غير مُحرز لأيّ إنسان غير معصوم ، ما لم يَمت مرضيّاً لله عزّ وجل ، وأمّا لو زالت حسناته بظلمٍ أو سوء ونحوه ، لم يستحقّ الجنّة بكلّ تأكيد ، والشاهد على ذلك قوله تعالى : (وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاء مَّنثُوراً) (١) ، والسيّئات قد تذهب بالحَسنات ، كما أنّ الحَسنات قد تذهب بالسيّئات.
ومعهُ فيكون المعنى : مَن داومَ على الطاعة طول حياته مع البكاء ، وجَبت لهُ الجنّة ، ومن الواضح أنّه لم يقل ذلك ، كلّ ما في الأمر أنّ التمسك بإطلاقها مُشكل.
سادساً : الإخلاص في العمل لم تنصّ عليه الرواية ، وهو البكاء في سبيل الله من دون عجب ولا رياء ، فلو بكى الفرد على أمواته أو على مصاعب الدنيا ،
__________________
(١) سورة الفرقان : آية ٢٣.