شديداً ، وليس في النفوس الهمّة الكافية لتحمّلها ، ولا شكّ أنّ الناس يُفضلّون الراحة على التورّط في الحروب مهما كانت ، فضلاً عن قتال شخصٍ مُحقّ جليل القدر كالإمام الحسين عليهالسلام ، على أنّه توجد فيما يخصّ الحسين عليهالسلام عدّة نقاط تصلح كقرائن واضحة على عدم تألّب الناس عليه إلى الحدّ الذي يتصوّره الآخرون :
النقطة الأولى : كون الحسين عليهالسلام معروف بالنسبة إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وفاطمة الزهراء عليهاالسلام ، وأمير المؤمنين عليهالسلام ، كما هو معروف بالعلم والصلاح ، سواء من قِبل مَن يؤمن بإمامته أو مَن لا يؤمن.
النقطة الثانية : إنّه اجتمعَ إليه في جيشه أُناس معروفون بالصلاح والأهميّة : كحبيب بن مظاهر الأسدي ، ومسلم بن عوسجة (١) ، وبُرير بن خضير ، وغيرهم كثير ، فمَن كان غافلاً عن أهميّة الحسين عليهالسلام ـ باعتباره عاشَ أغلب حياته في الحجاز بعيداً عن الكوفة ـ فلا أقلّ من أن يتعرّف على أمثال هؤلاء من أصحابه رضوان الله عليهم.
النقطة الثالثة : الخُطَب والمواعظ التي صدرت من الحسين عليهالسلام وأصحابه وأهل بيته إلى الجيش المعادي قبل التحام الحرب ؛ فإنّها وإن لم تؤثّر في توبة
__________________
(١) هو مُسلم بن عَوسجة بن سعد بن ثعلبة ... الأسدي السعدي ، ذَكرتهُ عامّة المصادر التاريخيّة بأنّه أوّل قتيل من أنصار الحسين عليهالسلام بعد الحَملة الأولى. كان شريفاً في قومه صحابيّاً جليلاً ممّن رأى رسول الله صلىاللهعليهوآله وروى عنه ، وكان ممّن كاتبَ الحسين عليهالسلام من أهل الكوفة ووفى له بذلك ، فقد كان يأخذ البيعة له على يد مسلم بن عقيل عليهالسلام ، وعَقدَ لهُ مسلم على ربع مذحج وأسَد لمحاربة ابن زياد ، وبعد فَشل الثورة وقَتل مسلم وهاني اختفى مدّة بين قومه ثمّ خرجَ بأهله مُتخفيّاً إلى الحسين عليهالسلام ، فأدركهُ وهو في كربلاء فاستشهدَ بين يديه ، ويبدو من خلال المصادر الباحثة عنه ، أنّه كان شيخاً كبير السنّ ومن الشخصيّات الأسديّة البارزة في الكوفة (واقعة الطف لبحر العلوم : ص ٥٢٦).