واحد ، وكان يوجد فيهم مَن هو مستعدّ للمناقشة ، وإن لم يكن يظنّ أنّ الأمر سوف يؤول بالحسين وأصحابه إلى هذه الدرجة من البلاء.
النقطة السابعة : إنّ أهل الكوفة وضواحيها يومئذٍ ، ممّا لا دليل تاريخيّاً على كثرتهم بهذا المقدار الوفير ، ولعلّ مجموع أفرادهم من رجال ونساء وأطفال لم يكن يتجاوز المئة ألف أو المئة والعشرين ، فكيف يخرج من المئة وعشرين مئة وعشرون؟ وهل يخرجون كلّهم من نساء وأطفال وشيوخ وعَجَزة ، مع العلم أنّهم يقولون : إنّهم مئة وعشرون ألف مُحارب ، وليسوا من هذا القبيل ، وهل يمكن أن نقول : إنّ الكوفة خَلَت تماماً من الرجال في ذلك الحين ، ولم يبقَ مَن يحرس البيوت ويقوم بشؤونها؟
فإذا ضَممنا إلى هذا الاستبعاد أمراً آخر : وهو أنّ كثيراً من أهل الكوفة ، كان يمكنهم عدم تسليم أنفسهم للحرب ضدّ الحسين عليهالسلام : إمّا بالجلوس في داره عدّة أيّام ، أو بالسفر خارج الكوفة عدّة أيّام ، أو بالتعلّل بالمرض ، أو بحاجة العائلة إليه ، أو بوجود مريض لديه ، أو غير ذلك كثير ، وعَلمنا مع ذلك : أنّهم كانوا يتحامون عن حربه وضربه ، إذاً فكم من النسبة بقيت ممّن يمكن أن يخرج من أهل الكوفة فعلاً لحرب الحسين عليهالسلام؟
النقطة الثامنة : إنّ من جملة ما أوجبَ تجمّع الجيش : هو أنّ أمير الكوفة يومئذٍ عبيد الله بن زياد ، وعدَ بمضاعفة العطاء للأفراد الخارجين في هذا الجيش ، أو أنّه وعدَ بزيادة كلّ فردٍ منهم عشرة دنانير (١) ذهبيّة في ذلك الحين ، على اختلاف النقل التاريخي. ونحن إذا أخذنا بأضعف الاحتمالات وأقلّها : وهو أن يكون الجيش ثلاثين ألف وأنّ العطاء عشرة لكلّ فردٍ ، فستكون الدنانير الموزّعة
__________________
(١) تاريخ الفتوح لابن أعثم : ج ٥ ، ص ١٥٧ ، ط ٩ ، أسرار الشهادة للدربندي : ص ٢٥٦ ، الأخبار الطوال للدينوري : ص ٢٧٣.