مُراجعاتي العامَّة خلال حياتي العلمية. ولم يكن مِن المُمكن في العُجالة إرجاع كلِّ حديث إلى مصدره. ولئن كان عندي شيء قليل مِن الكتب ، فإنَّها بلا شكٍّ لا تُسمن ولا تُغني مِن جوع في تخريج هذه المجموعة مِن النصوص ؛ ولذا بادرت إلى إصداره بقوَّة قلب خالياً مِن المصادر ، واعتذرت عن ذلك في المُقدِّمة وتمَّ الأمر. ولا بأس بذلك ، فإنَّ الطريقة القديمة للتأليف كانت على ذلك ، وليس بدعاً غير مقبول مِن طُرق التأليف ، وإنَّما يستند في واقعة على الوثاقة الشخصيَّة للمؤلِّف ، كما كان السلف الصالح يستند إليها ، فليكن هذا واحداً منها.
ثمَّ إنَّني فجأة وعلى غير توقُّع استلمت نسخة مليئة بالهوامش والمصادر ، قام بها أحد الفضلاء الساكنين في سورياً ، كأنَّه أشفق على هذا الكتاب مِن هذا النقص ؛ فحاول تبنِّي الموقف جزاه الله خيراً ، وهو طبع بتوقيع رمزي له وللمطبعة على ما أعتقد ، وإنْ كان بإخراج جيِّد وورق صقيل.
إلاَّ أنَّه قد علَّق عليه بدون أنْ يفهم مقصودي ، وأعطى لنفسه الحُرِّيَّة في التصرُّف أكثر مِن اللازم ؛ ومِن هنا أعتقد أنَّه بالرغم مِن جُهده فإنَّه لم يكن موفَّقاً في عمله ، غير أنَّ نقطه القوَّة فيه هو أنَّه ألفتنا إلى بعض المصادر التي لم تكن تخطر على البال.
وبقي هذا الكتاب مُتأرجحاً مِن حيث المصادر ، حتَّى تصدَّى له جناب الأخ المِفضال الشيخ كاظم العبادي الناصري (دام عِزَّه) لخوض غمار هذا البحر الواسع ، وتعب عليه تعباً مُتكاملاً ، وكان يعرض ما يكتبه عليَّ جزاه الله خيراً. وكان المجموع هو هذا الكتاب الذي بين يديك.
ولم يخلُ تعليقه مِن بعض النواحي مِن بيان بعض الإشكالات ـ ولو ضمناً ـ على المؤلِّف ، وأنا عرفت ذلك ورضيت به ؛ أخذاً بحُرِّيَّة التفكير المحفوظة لدينا في الحوزة العلميَّة الشريفة جيلاً بعد جيل.