ويخرج في حرب الحسين عليهالسلام ، ويُنقل ذلك تاريخيّاً على شكلين : أشهرهما : إضافة عشرة دنانير ذهبية إلى أيّ فرد ، والآخر : مضاعفة الراتب الذي يصله (١).
خامساً : الإحراج الاجتماعي عن طريق العلاقات والصداقات المبثوثة في تلك المدينة المنكوبة.
وكلّ هذه الأمور قائمة ضدّ مسلم بن عقيل ، ومن المتعذّر أن يكون مثلها إلى جانبه ، سوى التضحية في الرضوخ للحقّ لا أكثر ، وهو ممّا يقلّ العاملون به في أيّ مجتمع ، وخاصّة تحت ظروف من ذلك القبيل.
وقد بادرَ عبيد الله بن زياد إلى تغيير كفّة المجتمع إلى جانبه بمجرّد وروده ، وألقى في الناس خطبة تتكفّل بيان تلك التهديدات والأطماع ، مع بثّ شرطته وأنصاره بين الناس.
لأجل الطمع والتخويف والإحراج ، ممّا أنتجَ ما ينقلهُ بعض الخطباء الحسينيّين من أنّ الأم أصبحت تأتي إلى ابنها ، والزوجة إلى زوجها ، والبنت إلى أبيها ، والأخ إلى أخيه ، فيحذرّونهم مغبّة مناصرة مسلم ويقال لهم : (مالَكَ والدخول بين السلاطين) ، ويأخذون بيده ويُرجعونهُ إلى بيته ، ومهما يكن في هذا النقل التاريخي من المبالغة إن أخذناه على سعته ، كما سبقَ أن قلنا : إنّ الكوفة والمجتمع الكوفي لا يمكن أن ينقلب تماماً من الولاء إلى العداء بين عشيّة وضحاها ، وقد أقمنا على ذلك ما يكفي من القرائن والدلائل ، إلاّ أنّه من الممكن أن يكون قد حدثَ مثل هذا التخذيل فعلاً على نطاق ضيّق قلّ أو كثُر ؛ فإنّه على أيّ حال مُضر بجانب مسلم بن عقيل ، ويُضاعف عليه الصعوبة والبلاء.
__________________
١ ـ الفتوح لابن اعثم ج ٥ ص ١٥٧ ـ اسرار الشهادة للدربندي ص ٢٣٦.